لاشك أن الجمعة التى أطلق عليها الإسلاميون جمعة الهوية أو الإرادة الشعبية أو أيا كان المسمى فاجأت الجميع وخاصة هؤلاء النفر من الليبراليين والذين شعروا بأنه لا وجود لهم مقارنة بهذه الحشود الغفيرة التى إمتلأت بها الميادين بل ربما تكون قد وضعت تلك القوى فى ورطة حقيقية لأنها أدركت حجمها الطبيعى وبدلا من محاولة تلك النخبة المزيفة البحث عن مخرج لها أو البحث عن وسيلة تمكنها من التواصل مع جماهير الشعب ومعرفة الأسباب وراء عزوف الجماهير عن الإلتفاف حولها راحت تلك اللانخبة تبحث عن كيفية تشويه هذا الحدث وهذه الحشود عن طريق الإدعاءات فهناك من برر الفشل بالربط بين الشعارات الدينية وأسلمة السياسة وهى محض أباطيل وحاول البعض وصف مصر بأنها دولة غير إسلامية ومن العيب أن يهتف إنسانا بهتافات إسلامية بل وهاجم البعض من يحمل علما كتب عليه شعار الشهادة وكأنه من العار أن ترفع راية الإسلام وأنت مسلم فى دولة إسلامية أو على الأقل غالبيتها الكاسحة مسلمة ولم نسمع لهؤلاء صوتا عندما يرفع الصليب وهاجم البعض هؤلاء الإسلاميين لإرتدائهم الجلباب لأنهم يتشبهون بأفغانستان وباكستان وسائر بلاد المسلمين وكأن الطبيعى عند هؤلاء حتى تكون ثائرا ألا ترفع شعارات إسلامية وألا ترتدى جلبابا بل يجب أن ترتدى المايوه إن كنت رجلا أو أن ترتدى البيكينى إن كنت أنثى أو على الأقل الجينز والبادى إن كنت من المتحفظين ولم نسمع هؤلاء يوما يتهمون من يرتدون هذه الأزياء المستوردة بالسفور أو الخروج عن التقاليد المصرية بحجة أنها الحرية ويبدوا أن حريتهم تنحصر فى التبرج ولا يندرج تحتها حرية العقيدة وحرية الملبس ولكن كيف يهاجم هؤلاء السافرون والسافرات والمخنثين والسحاقيات وهم وهن منهم ومنهن فلم نسمع هؤلاء يوما عندما تهجمت الدغيدى وغيرها على الإسلام وكأننا لكى نعيش فى دولة ديمقراطية ودولة عصرية لابد أن نخلع عن أجسادنا ثيابنا ونتخلى عن مبادئنا ومنهجنا ولا يمكن لرجال يرتدون جلبابا أو يطلقون اللحى أن يكون من بينهم قادة ومفكرين ونخبة ويبدوا أن هناك شروطا حتى تصبح عصريا ومفكرا وقائدا ونخبويا وفى مقدمتها أن ترتدى المايوه أو ترتدى البيكينى وأن تحلق الذقون وألا تذكر اسم الله ورسوله وألا تجهر باسلامك ولا تحلم بأن تعيش فى دولة إسلامية وكأن الإسلام هو سبب التخلف وكأن الدين هو مصدر الرجعية وتناسى هؤلاء أن ثقافتهم الغربية وإنحلالهم الأخلاقى وفسادهم السلوكى هى أهم أسباب تخلفنا وكنت أتمنى لو أن هؤلاء الليبراليون قد تعلموا ولو الأحرف الأولى من الديمقراطية أو أن يكونوا قد بدأو فهم الدرس الذى فشلوا فيه فى الإستفتاء ولكن يبدوا وبحق أن هؤلاء لا هم ليبراليون ولا هم علمانيون وبالطبع ليسوا إسلاميون ولكن الأكيد أنهم أجهل الجاهلين فخسروا بجهلهم كل شىء خسروا أنفسهم وجمهورهم وخسروا كل ما يسعون إليه وأتمنى أن يكونوا قد إستفادوا شيئا من هذه التجربة التى هى بالتأكيد مريرة على أنفسهم فلم يتوقعوا يوما أنهم مجرد هامش فى حياة المصريين بل ربما ليس لهم وجود على هامش حياتهم وليس لهم وجود لدى جموع الشعب التى لطالما لم يستطيعوا التواصل معهم أو إدراك مطالبهم الحقيقية فباتوا فى واد والشعب فى واد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق