31‏/3‏/2012

الإنقلاب السلمى على الشرعية

لاشك أن الشعب المصرى بإختلاف طوائفة يحمل تقديرا كبيرا لجيشه الوطنى ويقدر دوره فى الدفاع عن الوطن وحماية أراضيه ويدعم أى جهود للنهوض به وترسيخ دوره النضالى ومنذ قيام ثورة يناير المجيدة والجميع يحاول ألا تلوح فى الأفق أى أحداث تؤثر على تلك العلاقة المتينة بين الجيش وشعبه وخلال هذه المرحلة الإنتقالية وقعت العديد من المناوشات والمناورات السياسية بين القوى المختلفة من جانب وبينها وبين قيادة الجيش متمثلة فى المجلس العسكرى الذى يقود البلاد وخلال هذه الفترة جنحت القوى الإسلامية إلى السلم الوطنى وإحتواء المواقف وتجاوز هذه المرحلة دون الدخول فى مواجهة مع المجلس العسكرى بل وظلت تدعم أغلب مواقفه حتى لو كانت تلك المواقف لا ترضى هذه القوى وعلى الجانب الآخر بدا جليا مدى العداء أو محاولات الإستعداء أو محاولات إدعاء هذه الحالة من قبل القوى الليبرالية تجاه المجلس العسكرى والتى تطورت فى بعض الأوقات إلى مواجهة قوات الجيش نفسه ويبدوا أنه مشهد تم الإتفاق عليه بين المجلس العسكرى وتلك القوى الليبرالية ربما دون فهم من تلك القوى فى محاولة من المجلس العسكرى لإيهام البعض أن هذه القوى تملك أدوات للضغط على المجلس وهو ما يخالف الواقع ويبدوا أن المجلس العسكرى إنتهج هذا المشهد لمواجهة تزايد وتعاظم النفوذ الإسلامى فى المجتمع وإلتفاف الشعب حول القوى الإسلامية والتى لا يتوافق مشروعها مع التوجه العسكرى وأيضا مع التوجه الأمريكى الغربى وبدلا من مواجهة العسكر لتلك القوى الإسلامية تم تجنيد القوى الليبرالية والتى لا تملك وجودا حقيقيا على الأرض وبمساعدة المجلس العسكرى تم تضخيمها ومنحها مساحات أوسع للتعبيروالهجوم على القوى الإسلامية  عبروسائل الإعلام المختلفة بل وسمح لها المجلس بالتهجم عليه وعلى رموزه عن قصد حتى يقنع الآخرين بأن هناك قوى ليبرالية ويسارية تملك من القوة ما يمكن أن يجعلها قوى موازية للقوى الإسلامية فيتم المساومة بها وبدا أن العسكر هم من يدفعون بهذه القوى ويدعمونها وظهر هذا واضحا فى تشكيل الحكومات المتعاقبة وخلوها من أى ممثل للتيارات الإسلامية صاحبة القوة الحقيقية ثم تلا ذلك وثيقة المبادىء الحاكمة والتى تبعتها وثيقة السلمى الذى ثار حولها جدلا واسعا ثم المجلس الإستشارى والذى ضم كل من يهاجمون المجلس العسكرى وينتقدون أداءه بل ويحرضون ضده طوال المرحلة ثم تشكيل حكومة الجنزورى والتى لم تضم أيضا أى من القوى الإسلامية ثم ما أثير حول اللجنة التأسيسية للدستور وتشكيلها وأيضا تم تجنيد القوى الليبرالية لمناهضة هذه اللجنة بالرغم من عدم شرعية هذه المناهضة وبالنظر إلى هذه الأحداث نجد أن المجلس العسكرى هو الذى تلاعب بالجميع ففتح المجال واسعا للتخويف من القوى الإسلامية بل شارك فى عملية التخويف ثم بدأ يحرض ويدعم ويمكن القوى الليبرالية التى هى فى الأساس لا وجود لها سوى عبر الشاشات والفضائيات ولكن العسكر دعموا وجودهم ونظرا للعداء التاريخى بين القوى الليبرالية واليسارية مع التيارات الإسلامية أبدت هذه القوى الليبرالية إستعدادها لتقديم وفعل أى شىء حتى ولو كان على حساب الدولة المدنية التى تنادى بها مقابل القضاء على أى توجه إسلامى أو تشكيل حكومات تحمل هوية إسلامية فوقفت هذه القوى الليبرالية فى صف المجلس العسكرى بل وطلبت منه الإنقلاب على السلطة والبقاء فيها وباتت تسير فى إتجاه عسكرة الدولة دون أن ترتدى الزى العسكرى ودون أن يكون الحاكم عسكريا  ويتم كتابة دستور بتوجهات عسكرية وأفكار عسكرية ومرجعية عسكرية بحيث يصبح كل شىء فى قبضة السلطة العسكرية والتحكم فى مؤسسات الدولة سواء كان على رأس هذه المؤسسات عسكريا أو مدنيا وتأتى التوجيهات والأوامر من داخل الثكنات ومن خلف الدشمات وهكذا هى القوى الليبرالية واليسارية دائما ما تشارك فى القضاء على الدولة المدنية التى لطالما تتغنى بها وذلك للتخلص من الدولة الإسلامية وبذلك يخسر الليبراليون والإسلاميون ويفوز العسكريون بالسلطة دونما الحاجة إلى إنقلاب عسكرى لأننا نظل تحت الحكم العسكرى حتى لو إرتدى البدلة المدنية.