لاشك أننا جميعا ندافع عن الثورة المجيدة ونرجوا نجاحها وتحقيق كافة أهدافها والجموع من الشعب يريدون نجاحها إلا القليل ممن فقدوا وطنيتهم ولم يعد لديهم الحرص على البلاد وبقى كل ما يعنيهم مصالحهم ولو على حساب الوطن ولأننا جميعا أبناء هذا الوطن المخلصين فلابد لنا من الحرص عليه وعلى ثورتنا وألا نعطى الفرصة لأنفسنا أو لغيرنا لتشويه صورة الثورة والثوار أو الإتجار بنا باسم الثورة أو محاولة الإنقضاض على الوطن تحت مسمى حماية الثورة أو الدفاع عن أرواح الشهداء لأن الثورات ليست هدفا فى حد ذاتها ولكنها وسيلة لتحقيق أهداف ولابد أن ندرك أن هذه الأهداف لن تتحقق بين عشية وضحاها لأننا نبنى الأوطان ونبنى الإنسان وهذا لن يتأتى سريعا خاصة بعدما عشنا طويلا بعيدا عن ممارسة الحرية والديمقراطية وبعدما عاش السياسيون أنفسهم تحت سلطة الحاكم فجعلهم تابعين غير نابغين أو أصحاب رؤية وكلنا نعلم كيف كانت تدار البلاد ولهذا لابد أن نتحلى بالصبر وأن نتحمل قليلا حتى لا نهدم بدلا من أن نبنى فما يحدث على الساحة الآن من إعتصامات وبالرغم من كونها حقا مشروع للجميع ولكن ونحن نمر بمرحلة غاية الخطورة ولأن البلاد لا تحتمل أكثر من ذلك فلابد أن نتوخى الحذر فى إتخاذ القرارات والمطالبة بالإعتصامات حتى لا نتجه بالبلاد إلى الطريق الخطأ ولا يصح مطلقا أن نعطل الأعمال أو نغلق الشوارع والطرق والبلدان أو نعطل المصالح والمؤسسات لأن هذا ليس من شأنه تعطيل الحياة فحسب بل سيكون له مردودا سلبيا على الثورة ورجالها وأخشى أن نتحول من ثوار غاضبين من الفساد إلى أفراد عائقين للعمل ومعطلين للأمن ومنبوذين من الشعب فلا تنجح ثورتنا فى إستكمال أهدافها ولن يستفيد منها الوطن كما أننا سنفقد الإلتفاف الجماهيرى معنا بل ربما يتحول إلى عداء وبغض فليس مطلوبا منا أن نثور لأننا ثائرين أو نعتصم لأننا معتصمين ولكن لنجعل ثورتنا من أجل البناء وتحقيق الأهداف وليس من أجل الثورة والفوران وأخشى ما أخشاه أن يكون بيننا من تم التغرير بهم لمصالح شخصية من قبل أطراف لا تعمل لصالح البلاد أو من المأجورين من قبل رجال أعمال لا يعنيهم ما تؤول إليه الأوضاع لأن ما يحدث الآن وإصرار البعض على مواصلة الإعتصام بالرغم من كل القرارات التى تم الإعلان عنها والتى هى فى طريقها للتنفيذ إنما يوحى بما ليس خيرا وبما ليس فى صالح أحد ولا أفهم الهدف من الإعتصام ما دامت هناك إستجابات واسعة لمطالبنا فإذا كنا حقا نثور ونحتج من أجل خير البلاد والعباد فعلينا تعليق إعتصامنا حتى نتحقق من تنفيذ الوعود وتحقيق المطالب وبيننا وبين النظام أرض الميدان فإن عاد عدنا ولكن أن نستمر هكذا فهذا لا يخدم أحدا سوى من يخربون البلدان ويؤرقون الشيب والولدان ولا أفهم معنى أن نطالب بمحاكمات عاجلة وفى الوقت ذاته ندعى أننا لا نريدها محاكمات ظالمة ولو صدقت النوايا لحسن القول والعمل فكيف تستقيم العجلة فى المحاكمات والعدل فيها ومنذ متى نتحكم نحن فى سير القضاء أو تحديد زمن المحاكمات كيف نطالب بمحاكمات عادلة ولا نرضى عن الأحكام فهل يعنى العدل أن تصدرالأحكام بما تشتهى أنفسنا أم بما تقرره الأوراق وينطق به القاضى إننا يا ساده نمر بمنعطف خطيرالجميع فيه يشكك فى الجميع وهذا الوضع لا تستقيم معه الحياة ولا يتم فيه إنجازالأعمال فهلا تمسكنا بأخلاق ومبادىء الثوار فنعطى كل ذى حق حقه حتى لو كان هذا الحق يغضبنا ولايشفى صدورنا ونقتص من كل فاسد وقاتل ولكن ليس بأيدينا وإنما بتطبيق القانون وتحقيق العدالة وهذا لن يتأتى إلا إذا إبتعدنا عن التدخل فى أحكام القضاء وأن ننظر إلى الأحداث بعيدا عن الرغبات والأمنيات ونترك الجميع لينال جزاءه فإما مذنبا وإما بريئا ولنرض بما يحكم به القضاء أم أننا نزين كلماتنا فندعى أننا نريد العدل ولا نقدم له الأدوات والأسباب ولا نريد محاكم إستثنائية ونطالب بأحكام توافق أهواءنا ونرفض أحكام لا تشفى صدورنا إذا كنا هكذا فلنصارح أنفسنا ونقول ما نريد وننطق بما نتمنى فنقول نعم نريد محاكم تفتيش ولا نريد عدلا ولا إنصافا بل نريد قتلا وقصاصا ولا يعنينا إن كان هذا ظالما أو مظلوما وهكذا نكون قد صارحنا أنفسنا وصارحنا الآخرين ونكون أيضا قد ظلمناهم وظلمنا أنفسنا ولا يستقيم الأمران ولا يستقيم هذا وذاك مع مبادىء ثورتنا أو يتفق وأخلاق الثوار فيا ساده هلا تريثنا وإنتظرنا قليلا حتى يحل السلام علينا جميعا بالعدل والحق والقانون فإما أن يدان هذا أو ذاك فنكون قد حصلنا على حقوقنا ويكونوا قد نالوا عقابهم وإما أن تتبرأ ساحتهم فنكون قد أقمنا دولتنا على العدل والإنصاف فنضمن لنا ولأجيالنا دولة يحكمها القانون وتقيم العدل بالقسط والميزان وليس بالرغبة والهوى فهلا إنتظرنا قليلا حتى نبلغ غايتنا ونؤسس دولتنا.