31‏/3‏/2012

الإنقلاب السلمى على الشرعية

لاشك أن الشعب المصرى بإختلاف طوائفة يحمل تقديرا كبيرا لجيشه الوطنى ويقدر دوره فى الدفاع عن الوطن وحماية أراضيه ويدعم أى جهود للنهوض به وترسيخ دوره النضالى ومنذ قيام ثورة يناير المجيدة والجميع يحاول ألا تلوح فى الأفق أى أحداث تؤثر على تلك العلاقة المتينة بين الجيش وشعبه وخلال هذه المرحلة الإنتقالية وقعت العديد من المناوشات والمناورات السياسية بين القوى المختلفة من جانب وبينها وبين قيادة الجيش متمثلة فى المجلس العسكرى الذى يقود البلاد وخلال هذه الفترة جنحت القوى الإسلامية إلى السلم الوطنى وإحتواء المواقف وتجاوز هذه المرحلة دون الدخول فى مواجهة مع المجلس العسكرى بل وظلت تدعم أغلب مواقفه حتى لو كانت تلك المواقف لا ترضى هذه القوى وعلى الجانب الآخر بدا جليا مدى العداء أو محاولات الإستعداء أو محاولات إدعاء هذه الحالة من قبل القوى الليبرالية تجاه المجلس العسكرى والتى تطورت فى بعض الأوقات إلى مواجهة قوات الجيش نفسه ويبدوا أنه مشهد تم الإتفاق عليه بين المجلس العسكرى وتلك القوى الليبرالية ربما دون فهم من تلك القوى فى محاولة من المجلس العسكرى لإيهام البعض أن هذه القوى تملك أدوات للضغط على المجلس وهو ما يخالف الواقع ويبدوا أن المجلس العسكرى إنتهج هذا المشهد لمواجهة تزايد وتعاظم النفوذ الإسلامى فى المجتمع وإلتفاف الشعب حول القوى الإسلامية والتى لا يتوافق مشروعها مع التوجه العسكرى وأيضا مع التوجه الأمريكى الغربى وبدلا من مواجهة العسكر لتلك القوى الإسلامية تم تجنيد القوى الليبرالية والتى لا تملك وجودا حقيقيا على الأرض وبمساعدة المجلس العسكرى تم تضخيمها ومنحها مساحات أوسع للتعبيروالهجوم على القوى الإسلامية  عبروسائل الإعلام المختلفة بل وسمح لها المجلس بالتهجم عليه وعلى رموزه عن قصد حتى يقنع الآخرين بأن هناك قوى ليبرالية ويسارية تملك من القوة ما يمكن أن يجعلها قوى موازية للقوى الإسلامية فيتم المساومة بها وبدا أن العسكر هم من يدفعون بهذه القوى ويدعمونها وظهر هذا واضحا فى تشكيل الحكومات المتعاقبة وخلوها من أى ممثل للتيارات الإسلامية صاحبة القوة الحقيقية ثم تلا ذلك وثيقة المبادىء الحاكمة والتى تبعتها وثيقة السلمى الذى ثار حولها جدلا واسعا ثم المجلس الإستشارى والذى ضم كل من يهاجمون المجلس العسكرى وينتقدون أداءه بل ويحرضون ضده طوال المرحلة ثم تشكيل حكومة الجنزورى والتى لم تضم أيضا أى من القوى الإسلامية ثم ما أثير حول اللجنة التأسيسية للدستور وتشكيلها وأيضا تم تجنيد القوى الليبرالية لمناهضة هذه اللجنة بالرغم من عدم شرعية هذه المناهضة وبالنظر إلى هذه الأحداث نجد أن المجلس العسكرى هو الذى تلاعب بالجميع ففتح المجال واسعا للتخويف من القوى الإسلامية بل شارك فى عملية التخويف ثم بدأ يحرض ويدعم ويمكن القوى الليبرالية التى هى فى الأساس لا وجود لها سوى عبر الشاشات والفضائيات ولكن العسكر دعموا وجودهم ونظرا للعداء التاريخى بين القوى الليبرالية واليسارية مع التيارات الإسلامية أبدت هذه القوى الليبرالية إستعدادها لتقديم وفعل أى شىء حتى ولو كان على حساب الدولة المدنية التى تنادى بها مقابل القضاء على أى توجه إسلامى أو تشكيل حكومات تحمل هوية إسلامية فوقفت هذه القوى الليبرالية فى صف المجلس العسكرى بل وطلبت منه الإنقلاب على السلطة والبقاء فيها وباتت تسير فى إتجاه عسكرة الدولة دون أن ترتدى الزى العسكرى ودون أن يكون الحاكم عسكريا  ويتم كتابة دستور بتوجهات عسكرية وأفكار عسكرية ومرجعية عسكرية بحيث يصبح كل شىء فى قبضة السلطة العسكرية والتحكم فى مؤسسات الدولة سواء كان على رأس هذه المؤسسات عسكريا أو مدنيا وتأتى التوجيهات والأوامر من داخل الثكنات ومن خلف الدشمات وهكذا هى القوى الليبرالية واليسارية دائما ما تشارك فى القضاء على الدولة المدنية التى لطالما تتغنى بها وذلك للتخلص من الدولة الإسلامية وبذلك يخسر الليبراليون والإسلاميون ويفوز العسكريون بالسلطة دونما الحاجة إلى إنقلاب عسكرى لأننا نظل تحت الحكم العسكرى حتى لو إرتدى البدلة المدنية.

5‏/2‏/2012

رسالة وأمنية إلى مجلس الأمة

سيادة الرئيس والسادة نواب الأمة أبعث إليكم برسالتى هذه متمنيا من الله أن تشعر بها قلوبكم مشيرا إلى أن آمال وطموحات الشعب متطلعة إليكم وتنتظر منكم الكثير وتأمل فيكم الخير الوفير وتتوسم فى ضمائركم الخوف على الوطن والحرص على المواطنين وتنظر إليكم نظرة خير وتصبوا معكم إلى مستقبل أفضل فى ظل مجلسكم وفى ظل حكومتكم وهى لا تتطلع إلى مصالح شخصية أو منافع ذاتية وإنما تنتظر منكم أن تنهضوا بنا وبوطننا ليس على المستوى الإقتصادى فحسب بل نتوق أن تتتبوأ مصر مكانتها التى تستحق بين الأمم فتنطلق فى كافة المجالات ليس لمصلحة شخصية بل لنفتخر بكم وبأنفسنا ووطننا وحتى نرسخ لدى أبناءنا وأجيالنا معنى الوطن وقيمة الوطنية ونغرس فيهم حب الوطن والإعتزاز بحضارتهم وتاريخهم وهويتهم وفى ذلك نتطلع إليكم مع بداية عهد جديد ذهبنا فيه إلى لجان إقتراع ربما لأول مرة بكامل إرادتنا لنختار نوابا نتوسم فيهم الخير والصلاح ونرى فيهم سمو الأخلاق وتواضع النفوس إخترناكم توسما فى صفاء سريرتكم ونقاء ضمائركم بعدما عانينا عقودا من نواب ومسئولين وحكومات إنعدم لديهم الضمير وضاعت لديهم القيم وغابت عنهم الأخلاق وتاهت عنهم الوطنية وتقطعت بهم الذمم فصاروا عصبة من اللصوص وزمرة من الفاسدين فعاثوا فى البلاد فسادا وضيعوها وضيعوا العباد وأفسدوا القيم والأخلاق ونهبوا الموارد والثروات فضيقوا الدنيا علينا بما رحبت وبدلوا حياتنا موتا وعيشتنا ضنكا وتفاؤلنا تشاؤما وحبنا كرها لذا جئناكم بعدما تقطعت بنا السبل وضاقت علينا الأرزاق وتاهت منا الطرق جئناكم متوسمين متعشمين فيكم الخير والبر والعدل والإنصاف جئناكم بالرغم من المحاولات الكثيرة لإثنائنا عن إختياركم وإبعادنا عن طريقكم وإقناعنا بعدم إنتخابكم لكننا جئناكم عن قناعة وحب وتقدير وإمتنان داعين المولى فى كل خطوة نخطوها أن تكونوا ملاذنا وأن تكونوا أملنا وسبيلنا للنجاة من القهر والقمع والظلم والتعذيب الذى لطالما ذقتم مراراته وآلامه وأوجاعه فتكونوا أجدر الناس على الإحساس بنا وتحقيق طموحاتنا جئناكم حاملين معنا كل الأمل فى غد مشرق ومستقبل مضىء فى ظل مجلسكم وحكومتكم وكذلك جئناكم خائفين بل ربما مرتعبين ليس على مصالحنا وإنما عليكم فأنتم لا تمثلون فقط عهدا جديدا بل تمثلون ديننا الحنيف ورموز إسلامنا وحمال شعائرنا وهذا يزيد مخاوفنا لأن فشلكم لن يكون صدمة فيكم فحسب بل ستكون صدمة فى دين الله الذى لم يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه جئناكم واثقين فى تدينكم وفى مدى طاعتكم لربنا وربكم فإحرصوا كل الحرص لأن فشلكم لن يكون مجرد فشلا إنسانيا وإنما ربما يمثل لكثيرين فشلا للدين نفسه ولمن يمثلون الدين وإعلموا أن تجربتكم إما أن تمنحكم بقاءا طويلا إن لم يكن أبديا وإما أن تمحى نموذجكم إلى قيام الساعة فإحرصوا على إقامة الدين فينا فمعه تقوم دولة العدل والحق والقانون والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.

30‏/1‏/2012

شرعية البرلمان ومساندة الميدان

لاشك أن الثورة المجيدة ما كان لها أن تكون بدون مشاركة جماهير الشعب بمختلف توجهاتها وإلتفاف العامة قبل الخاصة حول هذه الجماهير وتدعيمها لها حتى من لم يشارك فيها بالنزول إلى الميدان ولا يستطيع أحد أن يختزل الثورة فى فصيل أو فى شخص ما وهذا يعنى أنه لا يمكن لأحد أن يحتكر الثورة أو ينصب نفسه واصيا عليها ليتحكم فيها أو يوجه مسارها ولكن بدا فى الأيام الأخيرة وخاصة بعد الإنتخابات البرلمانية أن هناك من يريد فرض الوصاية على الثورة لأسباب نعلمها جميعا ومنها فشل هؤلاء فى تحقيق أى مكاسب فى الإنتخابات وربما شعروا بأنهم خرجوا من السباق بلا شىء ونسوا أننا جميعا فائزين بثورتنا وبالطبع هناك من يزكى هذه الروح ويغذيها ويدفع بتيارات سياسية نحو التصادم مع فصائل أخرى ربما كانت أكثر حظا فى تحقيق مكاسب سياسية وهذا حقهم نتاج جهدهم وإلتحامهم بالجماهير وليس مجرد إلقاء خطب عبر الفضائيات وهنا وجدنا من يخرج علينا ليقول أن البرلمان لا يمثلنا ولا نعترف بشرعية سوى شرعية الميدان وهذا منحى جديد وخطير لسير العملية السياسية التى تشهدها مصر وإذا كان الميدان هو سبب رئيسى لقيام الثورة ونجاحها لكن هذا لا يعنى أن يصبح هو الشرعية لأنه مهما كان عدد من يتواجدون فيه فلا يملكون الشرعية التى يمكنهم بها فرض رؤياهم على جموع الجماهير فهناك مسارات محددة لإكتساب الشرعية وهى الإحتكام إلى الإنتخابات والرضى بنتائجها وقد أفرزت الإنتخابات مجلسا لم نشهد له مثيل من قبل وهذا المجلس ربما يكون هو المؤسسة الرسمية الوحيدة التى تمتلك الشرعية الدستورية وعلى الجميع التسليم لها وفى الوقت نفسه لا يمكننا أن نغفل دور الميدان ولكن ليس كشرعية بديلة وإنما كورقة ضغط على المؤسسات وليس بديلا عنها فيمكنه مراقبتها وتقييم أداءها وليس الإحلال مكانها فهذا الميدان يعبر عن جزء من المجتمع وليس كل المجتمع والكل يشمل الجزء ولا يمكن إختزال الكل فى جزء والشعب قد أنتج شرعية دستورية هى البرلمان أما أن يخرج علينا بعض الأفراد أو القوى مهما قل عددها أو كثر فلا يمكن لها أن تكون واصيا على إرادة الجماهير التى إختارت من يمثلها ولا يمكن لأحد أن يعقب على إختياراتها ويبدوا أن هناك قوى ظلامية تريد إرباك البلاد وخلق حالة من الفوضى التى لا تنتهى تحت مبررات واهية وحجج كاذبة ومطالب سطحية مستغلة بعض الأخطاء التى وقعت فيها السلطة الحاكمة ومستغلة عواطف البعض وهذا ليس بالأمر الصواب وعلينا أن نرتضى بإختيارات الشعب وإحترام إرادته وخرجت بعض الأصوات لتطالب برحيل المجلس العسكرى الآن وهؤلاء الذين يطالبون برحيله الآن هم أنفسهم الذين طالبوا كثيرا ببقائه فى السلطة حتى تستعد أحزابهم على أمل أنه ربما يمكنها المنافسة على مقاعد المجلس وهاهم بعدما فشلوا فى المنافسة فيريدون رحيله الآن ليس من أجل صالح البلاد ولكن لإحداث حالة من الفوضى تعم البلاد ثم نبدأ المشوار من جديد ومحاولة إحداث حالة تصادم مع الجيش وبين الجيش والشعب وعلينا أن نعى أنه ما من أحد مستفيد من إحداث تلك الفوضى والدعوة إلى الإنقلاب على الشرعية التى جاءت بإرادة حرة عبر إختيار شعبى فى إنتخابات غير مسبوقة ولا يمكن لأحد التعقيب على إختياراته ولا يمكن لأحد الإنقلاب على شرعيته التى إرتضاها وآن لهؤلاء الفوضويين الظلاميين الذين يريدون جر البلاد نحو فوضى لا تنتهى أن يضعوا مصلحة الوطن قبل مصلحة أى فرد أو فصيل فلقد حان الوقت أن تستقر الأوضاع وتهدأ الأحوال حتى نتمكن من إعادة بناء وطن جديد يقوم على إحترام بعضنا بعض وعلى إحترامنا لإختياراتنا وأن نؤسس لدولة ديمقراطية طالما تطلعنا إليها ولطالما نادى بها هؤلاء الذين ينقلبون الآن عليها بل وينقلبون على إرادة الأغلبية التى قالت كلمتها وإختارت من يمثلها ولن ترضى ولن تقبل أن ينقلب أحد على إرادتها ووجب على الخاسرين أن يوجهوا التهنئة للفائزين فتلك هى الديمقراطية ولن نرضى عنها بديلا فهيا بنا نتعاون فى سبيل بناء الوطن فليس هناك من خاسر وفائز ولكننا جميعا فائزون لأننا كسبنا وطنا جديد يقوم على الحرية والعدل والمساواة وبدلا من هدم ما إكتسبناه من نتائج ثورتنا هيا بنا نبى عليه فنؤسس لوطن لطالما حلمنا به ونترك من بعدنا مجدا لأبنائنا لطالما حرمنا منه طويلا فلا تهدموا ما بنيناه ولا تهدروا تضحيات شهداءنا وجرحانا فتعالوا جميعا نشارك فى إعلاء قيمة الديمقراطية وإعلاء شأن الحرية وترسيخ مبادىء التعددية وتتوافق حول أهداف عامة تجمع بيننا جميعا وبدلا من الفرقة نتجه إلى الوحدة فنبنى ونعلى من شأننا وشأن وطننا.

21‏/1‏/2012

المعادلة الصعبة فى الثورة

لاشك أننا ما قمنا بثورتنا إلا بسبب المعاناة التى عشناها ما بين قمع وفساد وما بين إنتهاك كرامة وإمتهان حرمات وما بين إستبداد حاكم وفساد سلطة وكانت تلك الأسباب كفيلة لقيام ثورتنا التى وهبنا الله نجاحها ولم يتبقى أمامنا سوى إجراءات حصد النجاح والتى لن تحدث بين يوم وليلة ويجب ألا يدفعنا التعجل إلى السير نحو الهدم بدلا من البناء وعلينا الحذر والحرص فى إتخاذ قرارات أو المضى نحو خطوات ربما تبدوا فى ظاهرها بناء وهى فى حقيقتها دعوات هدم ودمار وهنا يكمن الخطر وهنا يوجد محور الإختلاف بين فئات الشعب على إختلاف توجهاتها فجميعنا سعداء بالثورة ونجاحها وتوحدنا فى تحقيق هدفها الرئيسى وهو إسقاط النظام وقد سقط فعليا وإن لم يكن بكامل شخوصه ولكنه قد سقط ثم بدأ الإختلاف فى الرأى والرؤية حول كيفية معالجة الفترة ما بين إسقاط نظام وبناء آخرفهناك من يرى أن الثورة لم تنتهى بعد وعلينا إستكمالها وهناك من يرى أنها قد إنتهت ولم يتبقى سوى حصاد نتائجها التى قامت من أجلها والفارق بين الوجهتين كبير ومهما كان حجم الإختلاف فإن الجميع يتفق على ضرورة إستكمال خطواتها لتحقيق كافة أهدافها ويبقى أيضا الإختلاف حول طريقة المعالجة فنحن نريد ثورة وفى الوقت نفسه نريد الحفاظ على الوطن والفرق بين الرأيين يمكن تشبيهه بمن يريد إقتلاع القلب من الجسد حتى لا يعانى المريض من الألم وهو لم يدرك أنه حقا لن يعانى مجددا ولكنه سيفقد الحياة وهذا كمن يريد ثورة ونسف دولة ومن يريد ثورة ووطن كمن يريد إستئصال مصدر الألم من القلب دون إحداث الوفاة وهنا تكمن المشكلة لأن أصحاب الرأى الأول يريدون الهدم والبناء من جديد ونسوا أن مابين هذا وذاك لن يجدوا شيئا يبنوه والرأى الآخر يريد إصلاح ما تبقى من الدولة أو يريد إحلال وتجديد لأننا من الصعب أن نفصل بين المجلس العسكرى الذى يريد أصحاب الرأى الأول إسقاطه وبين الجيش من الناحية العملية والدليل أننا عندما أردنا إسقاط النظام قمنا بإسقاط الشرطة حتى نستطيع السيطرة على النظام والآن وقد حل الجيش محل الشرطة فلابد لنا من إسقاطه حتى نتمكن من إسقاط النظام وهذا هو جوهر الخلاف بين أصحاب الرأى فيمن يريد ثورة على الفساد ومن يريد ثورة على البلاد فهل نستطيع إسقاط النظام متمثلا فى المجلس العسكرى دونما إسقاط الجيش نفسه الذى يستمد المجلس شرعيته منه ويستمد قوته منه إذن فما الحل؟ الحل يكمن فى الصبر قليلا فما لا نستطيع فعله اليوم ننتظر رويدا ونفعله فى الغد القريب دون إراقة الدماء ودون المخاطرة بمستقبل الجيش ومستقبل الوطن وأبناءه والثمن قليلا فهو مجرد صبرا قليلا فنحن نسير على الطريق الصحيح وإن كنا نسير ببطء ولكن خيرا لنا أن نصل متأخرين على ألا نصل على الإطلاق فها هى الإنتخابات البرلمانية قد إنتهت وتشكل البرلمان بإختيار حر ونزيه وها هى باقى الإنتخابات فى طريقها إلى الإنتهاء ورويدا تتشكل دولتنا الجديدة بإرادة شعبها وبإختيار أبنائها ولم تبقى سوى بضع شهور ليتوارى المجلس العسكرى عن المشهد السياسى وحرى بنا أن نقارن بين إقصائه بطريقة سلمية مدروسة وبين فكرة إسقاطه الآن بما تحمله من مخاطر والأجدر بنا ولسلامة وطننا أن ننتظر قليلا فيرحل بسلام ونعيش نحن جميعا بسلام فنضمن سلامة الوطن وسلامة الجميع وأعتقد أن بضعة شهور فى عمر الدول شيئا لا يذكر وثمنا قليلا مقابل الحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين فهيا بنا نحافظ على وطننا ونبنى بلادنا ونؤسس لمستقبلنا بالبناء على ما لدينا وليس بهدم كل ما عندنا.

17‏/1‏/2012

زعامة زائفة وبطولة وهمية

لاشك أن للقائد مواصفات وللزعيم علامات وإشارات وأولها هى الشجاعة والإقدام ومواجهة الشدائد والصعاب والبحث عن حلول للمشكلات والتغلب على العقبات وما فعله البرادعى المرشح الذى كان محتملا للرئاسة أوضح دليل على أن هذا الرجل لا يملك من كل ماسبق شيئا فلقد ترك الميدان الذى لم ينزله فى الأساس تحت مبررات واهية وأسباب غير واضحة أو مقنعة وتحدث الرجل كمن يريد أن تقدم له الشعوب دولة مثالية ومجتمعا عصريا ودستورا منقحا ثم يهبط هو من السماء فتستقبله الجماهير بالهتافات وتحمله فوق الأعناق دون أن يقدم شيئا لهؤلاء لقد تحدث الرجل كأنه من خارج هذا الوطن تحدث كأنه من كوكب آخر وياليته ما تحدث وياليته ما قدم مبررات والتى تصل إلى حد السفاهات وإن كان له العذر فلم يتعود النضال سوى من خلف لوحة المفاتيح والتى يقذف عبرها التغريدات وكأنها ساحة قتاله وكأنها ميدان معركته فلم نراه يوما وسط الناس ولم نجده يوما مع الجماهير حتى ولو داخل قاعة إجتماعات أو داخل صالة أحد النوادى ولكن رأيناه فقط عبر الشاشات وكأنه سيحكم وطنا عبر لوحة مفاتيحه وسيحرك جيوشه وينفذ سياساته من خلال التغريدات تحدث الرجل فقدم مبررات تدلل على مدى إزدواجية هؤلاء الفئة من الليبراليين الذين عندما يتحدثون يكذبون وإذا صدقوا فيتحدثون حديث البلهاء وكلام السفهاء تحدث الرجل فبرر إنسحابه بعدم رضاه عن الحياة الديمقراطية التى نعيشها فى مصر حاليا فى الوقت الذى سبق فيه أن عرض نفسه للتعيين فى منصب رئيس الوزراء وهى نفس الحياة الديمقراطية وهو نفس الشعب والأكثر غرابة أن يتحدث عن الديمقراطية ويقبل منصبا بالتعيين وليس عن طريق إختياره بالإرادة الحرة للشعب تحدث الرجل بعد مضى عام من الثورة مبررا إنسحابه بأن الثورة لم تحقق أهدافها ولم يوضح لنا تلك الأهداف فى الوقت الذى قام فيه الشعب بإجراء إنتخابات لم تشهدها مصر عبر تاريخها تحدث الرجل فى الوقت الذى بدأ الشعب فيه تأسيس دولته الجديدة على العدل والقانون تحدث الرجل كأنه ليس من هذا الشعب ولا يعيش على أرض هذا الوطن تحدث الرجل فلم يقتنع أحد إلا هؤلاء الدراويش من أتباعه الذين يهيمون فى محرابه ولا يأبهون فى السب والقذف والشتائم ضد كل معارض للمناضل المزعوم وللزعيم المصنوع تحدث الرجل فلم يستمع إليه أحد سوى تلاميذه المناضلين من خلف لوحات الكتابة وعبر الفضاء الإلكترونى الفسيح الذى تتوه فيه معالم كل شىء والذين لا يعرفون طريقا إلى الشارع ولا يجيدون التواصل مع الجماهيرمثلهم مثل قائدهم تحدث الرجل وتلاميذه ففقدوا ما تبقى من مصداقية لدى العامة تحدث الرجل وحاول تلاميذه وأتباعه تبرير إنسحابه لكن أحدا لم يسمع ولكن العجيب أن بعضهم وصف الإنسحاب بالبطولة فى سابقة جديدة لم تذكرها كتب التاريخ التى تناولت تعريف البطولة فكيف للإنسحاب أن يصبح بطولة وكيف للهروب أن يصبح شجاعة إذن فماذا يكون الإقدام وكيف تكون المواجهة والتحدى والنضال تحدث الرجل فأراح الجميع الذين لم يجهدهم أو يقلقهم نجاح الرجل فهم على يقين من فشله ولكن إستراحوا من حديثه المتكرر لدى قنوات متواطئه ومع رجال إعلام مشكوك فى نزاهتهم فصدعوا رؤوسنا بالرجل تحدث الرجل فإسترحنا لأن رسالتنا الرافضة له أخيرا قد وصلت وإستوعب رفض الشارع له والآن صمت الرجل ولابد أن يصمت تلاميذه ودراويشه وتحدثنا نحن فقلنا له ولكل من على شاكلته لا وألف لا لن نقبل بزعامة مصنوعة أو أبطال من ورق ولن نقبل لحكم بلادنا برجال جاءوا إلينا عبرالفضاء الفسيح وعبر الفضائيات وربما عبر أجندات وإتفاقات لن نسمح بها ولن تكون أبدا فليصمت الجميع وليتحدث شعب هذا البلد ليقرر من يكون ومن لا يكون.

1‏/1‏/2012

هل حقا نملك قرارنا؟

لا شك أن لكل دولة سيادتها على أراضيها أو هكذا يجب أن تكون الدول ولكن السيادة ليست مجرد لفظة تطلقها السلطة الحاكمة أو كلمة يتشدق بها ويرددها الشعب ولكنها ممارسة حقيقية على أرض الواقع وهى ليست مجرد ضبط السلطة لحدود الدولة وإنما فرض سيطرتها على مجريات الأحداث داخل الأرض وضبط تصرفات هيئات ومؤسسات ومنظمات تعمل على هذه الأرض ولكن المتابع للأحداث يجد أننا نعيش داخل مجتمع وليست دولة وقد بدا هذا جليا بعد قيام الثورة حيث ظهرت على الساحة أحداث وأفعال ما كنا نعلم عنها شيئا إبان الحكم السابق وإن علمنا ما كنا نعلم حقيقتها أما بعد الثورة ومع هذا الإنفجار المعلوماتى وهذا السيل الإخبارى الجارى أصبحنا نسمع أشياء ونعلم أمور كانت خافية ووقعت أحداث عديدة من إحتجاجات وإعتصامات وإضرابات وقام أشخاص بتصرفات تخرج عن إطار القانون بل وتخرج عن إطار الأخلاق فوجدنا من يتهجم على شخوص المجلس العسكرى علانية بالسب والقذف والشتائم ومن يقوم بالتحريض عليه وعلى مؤسسات الدولة بشكل علنى وموثق يستطيع معه أصغر المحامين أن يدفع به إلى السجون ومع ذلك لم نجد من السلطة سوى عمل إستجواب مع بعض من هؤلاء على إستحياء ثم إذا خرجوا علينا قالوا ما أفرجت عنا السلطة ولكن أفرجت عنا أمريكا ثم تدور أحداث ويتهجم أشخاص على أفراد القوات المسلحة وتكون أدلة الإدانة ثابتة وموثقة وإذا تم إلقاء القبض على أحدهم نفاجىء بالإفراج عنه والسبب أنه ليبرالى ملحد وهذا هو دليل البراءة وعلى النقيض نجد أشخاصا لم توجه إليهم تهم ويتم إلقاء القبض عليهم ويودعون السجون دون تحقيق ودون أدلة إدانة والتهمة هى أنه سلفى أو ينتمى إلى التيارات الإسلامية ونجد منظمات مدنية وجمعيات حقوقية تحوم حولها شبهات بل وتدينها أدلة إتهامات وإذا قامت السلطات بتفتيشها أو محاولة مراقبتها ما نلبث أن نجد دولا خارجية تدين وتشجب بل تتوعد وتهدد بألا يقترب أحد من تلك المنظمات مع علم الجميع أنها لم تكن يوما منظمات مدنية أو جمعيات حقوقية وما هى إلا مكاتب جاسوسية وأماكن إستخباراتية ومع كل هذا يتم السماح لها بممارسة أعمالها ومزاولة أنشطتها وكأن شيئا لم يكن وكأن دولة لا توجد وكأن سلطة لا تملك سلطان ومن ناحية أخرى نسمع ونقرأ عن تدخلات خارجية بل وتوجيهات أجنبية بما تكون عليه نتائج الإنتخابات وما تكون عليه شكل الحكومات فنشعر أننا ما قمنا بثورة وما تغير نظام وسابقا قال أحد المقربين من السلطة أن رئيس مصر لابد أن يحصل على موافقة إسرائيل وأمريكا وإعتبرنا أنها مجرد ترهات وحديث سفاهات ولكن بالتأمل للأحداث نكاد نقترب من حقيقة هذا الإحتمال فنجد أشخاصا يتم الإفراج عنهم وهم مذنبون وأشخاص يلقى بهم فى السجون وهم أبرياء ومنظمات مشبوهة تعمل لأجندات خارجية وتقوم بحملات تحريض علنية ومع ذلك تترك حرة طليقة وحركات تمرد ولا يمكن لأحد تقييدها وشخصيات عدائية ولا يمكن لأحد إسكاتها فهل لا يمكن للسلطة السيطرة عليها أم أنه لا توجد لدينا السلطة أم أننا حقا لا نملك قرارنا وإنما يتم الإملاء علينا وما السلطة سوى مكاتب سكرتارية تعمل لحساب آخرين يملكون هم القرار ويوجهون هم المسار وإن كان هذا حقيقيا فقل علينا وعلى السلطة والبلاد السلام.