لا أحد يجهل أن شباب مصر البواسل والشرفاء هم الذين قاموا بالثورة المجيدة أو قل إن شئت هم من بدأوها وهم من أنجحوها ولكن بقى عليهم أن يستكملوها ولا شك أن الثورة تمر بمنعطفات ومطبات تعرقل مسيرتها وهناك من هم تجار ثورات بل هناك من هم سارقى ثورات ولا شك أن الشباب بتخليهم عن ثوابت ثورتهم وتسليمها لأشخاص إدعوا كذبا وزورا أنهم ثوار ولأشخاص إدعوا كذبا أنهم حريصون على الثورة والثوار فكذبوا ثم كذبوا حتى صدقوا أنفسهم بل حتى صدقهم هؤلاء الشباب مع أننا لا نعرف لهم تاريخا نضاليا ولم نسمع لهم تضحيات فى حياتهم بل كانوا أقرب إلى أتباع النظام وكان المعارضون منهم لمجرد أداء أدوار وليس إيمانا منهم أو قل مجرد توزيع أدوار وربما تخفى صدورهم حقيقة أمرهم وتفضحهم حقيقة مواقفهم وآرائهم فهؤلاء الذين نصبهم الشباب مقاليد أمرهم وجعلوهم يتحكمون فى زمام أمرهم وتحركاتهم بل أصبحوا هم من يسيرون الشباب ويوجهون بوصلة الثورة بعدما نصبوا أنفسهم أوصياء على الثورة والثوار الحقيقيين عندما صدقهم شباب الثورة فوهبوهم الثورة على طبق من ذهب ليساوم بها هؤلاء المنتفعين مع السلطة الحاكمة ليس لإعلاء شأن هؤلاء الشباب أو لتحقيق أهداف الثورة وتلبية مطالب الثوار أو لمنحهم الإمتيازات ورفع الظلم والقمع عنهم بل تاجروا باسم الثورة والثوار لتكوين أحزاب وتنصيب أنفسهم قادة وزعماء وهم إلى فلول النظام البائد أقرب وجاءوا على ظهور الثوار ورفعوا شعارات ثورية سرقوها من أفواه هؤلاء الثوار وتقمصوا أدوار الثائرين وهم إلى العبيد والتابعين أقرب وأشبه لكنهم إستغلوا المرحلة فجاءوا بمعطياتها حتى يتواكب حديثهم مع المرحلة فرفعوا الشعارات وررددوا الهتافات وترحموا على الشهداء وكأنهم ثوارا وهم إلى الخيانة والنفاق أقرب جاءوا ليدعموا الثوار ليس إيمانا منهم بثورتهم بل لأنها المرحلة وأحكامها هتفوا ورفعوا شعارات ليس إيمانا منهم بصدقها وحقيقتها ولكن لأنها تجارة رابحة فركبوا الثورة وركبوا فوق أعناق الثوار وهنا لا نبرىء الثوار فهم الذين تركوا الميدان بل وتركوا الثورة نفسها لأشخاص ليس لهم ماض مضىء وليس لهم كفاح مذكور وهنا كانت الخطيئة نعم خطيئة هؤلاء الثوار عندما وضعوا ثقتهم فى هؤلاء المتقمصين وهؤلاء المنتفعين وتركوهم يديروا مسار ثورتهم ويرسموا للثوار طريقهم فأخذوهم بعيدا عن أهداف الثورة وحادوا بهم عن طريقها الصحيح وتفرقوا بهم فراح الثوار كل فى فريق يعملون وراح كل من هؤلاء المنتفعين فى الثورة والثوار يتقاسمون فتفتت الثورة وتبعثر الثوار وتمكن المنتفعين من تشكسل أحزاب ورقية بل تكوين سبوبة سياسية يتعايشون عليها ويقتاتون منها بما يجود به السلطان وظهر جليا وبدا للقاصى والدانى مدى كذب هؤلاء وإدعاءاتهم فبالرغم من تشكيلهم أحزاب ليبرالية إلا أنهم وعند أول منعطف باعوا مبادءهم وتخلوا عن قيمهم وتنازلوا عن ثوابتهم لو كان لديهم أى قيم أو مبادىء أو ثوابت فعندما وجدوا أنهم خاسرون فإذا بهم إلى العسكر يلجأون بل يتوسلون ويطلبون أن يبقى العسكر بالحكم ممسكا وأن تدار الدولة بحكم العسكر وأن نقوم ونقعد وننام ونصحوا بأمر العسكر فتكشف أمرهم وظهرت حقيقتهم فهم لم يسعون إلى تأسيس ديمقراطية ولا يحلمون بليبرالية بل هم إلى الإنتهازية والوصولية أكثر إيمانا هم إلى الإنتهازية والنفعية أحرص فهاهم يتخلون عما صدعوا به رؤوسنا وتغنوا به طويلا إنهم إلى حكم العسكر يلجأون وبحكمهم يطلبون فباعوا كل القيم وباعوا كل البشر ليشتروا منصبا أو مقعدا وفى سبيل ذلك ضحوا بكل شىء ضحوا بالوطن والمواطنين ضحوا بالثورة وباعوا الثوار وحان الوقت لنتبرأ منهم ويتبرأ منهم شباب الثورة وحان الوقت ليتبرأ جميع الشرفاء من هؤلاء الأحزاب الكرتونية وتلك القيادات الهامشية التى تدعى ديمقراطية وهى إلى السطحية والنفعية والإنتهازية أخلص والتى باعت النفيس والغالى فى سبيل الحصول على وعد بمنصب فتحالفت مع العسكر وباعت كل المبادىء والقيم وكشفت عن وجهها القبيح ولا يعنيها سوى مقاعدها ووجودها وفى سبيل ذلك تبيع الشعب وتبيع كل شىء وآن الأوان لتنكشف بل وتختفى عن الأعين والرؤى.