12‏/4‏/2011

هل يقصدون الإسلاميين حقا أم الإسلام نفسه؟

غالبا ما تثار المناقشات وتوجه الأسئلة إلى الإخوان المسلمين بأنهم لن يتجهون إلى تكوين دولة دينية وينفى الإخوان المسلمون مرارا هذه الفكرة بل ينفون بشكل قاطع وجود ما يسمى بالدولة الدينية فى الإسلام ولقد وصل الأمر إلى محاولة البعض أخذ التعهدات على الإخوان والتى تضمن عدم تأسيس دولة دينية وكأنهم يريدون توكيلا كتابيا موثقا على حديث الإخوان ويتحدثون وكأنه لاتوجد قوى أخرى فى مصر سوى الإخوان وهى التى تستطيع تشكيل الحكومة بمفردها والتحكم فى مصير الوطن ولا أنفى قوة وتواجد الإخوان ولكن ليست القوة الوحيدة التى ينبغى توجيه التساؤلات إليها بل هى واحدة من مجموعة قوى مختلفة المرجعية ومتنوعة الأيدولوجية وأتعجب لماذا يحاول الجميع أخذ التعهدات والضمانات وصناعة جدل حول كل ما له علاقة بالدين ولماذا لا يتم توجيه نفس الأسئلة وأخذ الضمانات تجاه باقى القوى السياسية لماذا لم يسألوهم ولم يأخذوا أى تعهدات على القوى الليبرالية والعلمانية إذا كان من المحتمل أن يجعلوا من مصر وكرا للدعارة وممارسة الرزيلة والفحشاء أو أن يجعلوا الشعب مجموعة من العاهرات والقواد أوأن يبيحوا الشذوذ والسحاق وماغير ذلك من صور ممارسة الليبرالية والعلمانية وهناك بعض الأسئلة التى تثير مخاوف البعض فى حالة وصول الإخوان إلى الحكم وماذا سيفعلون فى قطاع مثل السياحة وهم يحرمون الخمور فيتعذر أحد المتخوفين بإباحة تناول الخمور من أجل المحافظة على السياحة وما تدره من دخل قومى وهنا أتساءل ماذا لو طلب السياح إباحة الزنا وممارسة الدعارة فماذا سنصنع عندئذ للمحافظة على السياحة ودخلها وأستتبع ذلك بسؤال آخر هل يقبل أى منا أن تمارس زوجته الدعارة من أجل رفع مستوى معيشة الأسرة ؟وماذا لو لم يكفى الدخل من ممارسة الزوجة فهل يمكن أن يطلب الأب من بناته ممارسة نفس الفعل لزيادة الدخل ؟وهنا لابد من الإقتناع بأنه ليس من الجائز أو المقبول أن نمارس رزائل لنقتات يومنا وماذا لو طلب السياح إباحة تعاطى المخدرات فهل سنسمح بفتح المحلات التى تروجها حتى نرضى هؤلاء السياح وماذا لو طلبوا المزيد والمزيد ؟إذن ليس كل ما يساعد على زيادة الدخل لابد من تنفيذه وإلا سنتحول من دولة ووطن إلى وكر للفساد والمنكر ولا يجوز بأى حال أن تقوم حياتنا أو أن يقوى إقتصادنا بناءا على دخول محرمة مهما كانت الأسباب والمبررات لأننا لانقبل مثل هذه الأفعال فى حياتنا أو فى بيوتنا وما الوطن سوى البيت الكبير لأفراد شعبنا وهذا لاينحصر على المسلمين فحسب بل الديانات جميعها تحرم الرزائل وتنهى عن المنكر وعلى من يريد تناولها أو ممارستها فليفعل ولكن ليس معنى ذلك أن يطلب منى إباحتها أو التصريح لها وهناك بدائل كثيرة لتعويض مثل هذا العجز فى عدد السياح إن حدث وذلك بتشجيع السياحة الداخلية والسياحة الدينية وفى كل الأحوال لن نخسر كثيرا ويكفى أننا سوف نكسب أنفسنا ونكسب قيمنا وديننا ونحافظ على معتقداتنا ولن يخسر إنسان قط يحافظ على دينه وقيمه وفضائله وإلا لكان نجح من يمارسون الفحشاء والرزيلة فهل حقا يريدون الضمانات من الإخوان كقوة سياسية أم يريدون أخذ التعهدات بتنحية الإسلام جانبا ؟

حتى لانظل تحت الوصاية

إن الشعوب تصنع الثورات من أجل القضاء على فساد الحكام وتغيير الأوضاع والإنتقال إلى مرحلة جديدة وعهد جديد وليس مجرد تغيير وجوه وتبديل أسماء لتبقى نفس السياسات وتستخدم نفس الأدوات وتنتهج نفس الأساليب وإنما تعنى الثورة التغيير الشامل ولما كانت ثورتنا قد خطط لها وأنجزها شباب واعى وشباب ناضج ويملك من العقل والحكمة الكثير وفعل ما لم يفعله السابقون لذا أتوجه برسالتى إلى هذا الشباب بصفة خاصة وإلى جموع الشعب بصفة عامة فى دعوة إلى ترشيح أحد الشباب فى إنتخابات الرئاسة القادمة وذلك إيمانا منى وبعد التشاور مع مجموعات متعددة من الشباب ولضرورة الإنتقال من مرحلة الركود وتهميش الشباب والتى عشناها طوال العقود الماضية والتى لم يكن فيها مجال للشباب لشغل أى من المناصب القيادية العليا بحجة أنهم لا يزالون شباب وكأنه من الضرورى لمن يقود أن يكون قد تخطى سن الشباب أو على الأصح يكون من أصحاب المعاشات وهذه أفكار خاطئة بل ومضللة وكان الهدف منها إحتكار السلطة لفئة معينة وهذا الزمان قد إنتهى وولى منذ قيام الثورة ولكننى أرى وأسمع نفس السياسات ونفس الحجج ونفس الأدوات ولا يصح القول بعدما فجر الشباب هذه الثورة الخالدة والذى أثبت للعالم كله أنه يستطيع فعل مالم يفعله شيوخ الفكر والسياسة حيث إستطاع أن يخطط ويدير ويقود من هم شيوخ الفكر والسياسة لذلك فأنا على قناعة بأن هؤلاء الشباب يستطيعون قيادة الأمة وهنا لاأتحدث عن نفسى بصفة شخصية لإحتكار هذا الحق ولكن أتحدث باسم الشباب عموما وأعرض عليهم وعلى الجميع أننى كواحد من هؤلاء الشباب على إستعداد للمناظرة فيما بيننا نحن الشباب لإختيار الأفضل منا ليكون ممثلا لنا فى الإنتخابات الرئاسية القادمة كما أننى على إستعداد لمناظرة أى من شيوخ المفكرين والسياسيين لذا أوجه دعوتى لشباب مصر الطامحين لنتحد جميعا لإختيار واحد منا ليكون ممثلا للشباب ليقود مصر فى هذه المرحلة التى أثبت فيها للجميع أن الشباب قادر على قيادة الأمم بل والنهوض بوطنهم والسير قدما نحو الأفضل على طريق النجاح والتقدم فليس المقياس على سلامة الرؤية هو التقدم فى السن بل هو عمق التجربة ووضوح الرؤية وفى العالم كله وخاصة العالم المتقدم توجد نماذج عديدة لرؤساء وقادة أصغر كثيرا فى السن ,إن التغيير الجارى على الساحة السياسية يفرض علينا ألا نظل تحت الوصاية والتى عانينا منها كثيرا فى ظل النظام السابق ولايمكن أن نظل تحتها فى ظل حكم الفرد الواحد والحزب الواحد والسلطة الواحدة أو ننتقل إلى الوصاية تحت حكم مجموعة من الأفراد ومجموعة من الأحزاب ويبقى الشباب بلا دور أو سلطة فتكون المحصلة واحدة وهى ألا نجد دورا قياديا للشباب بالرغم أنهم أصحاب الثورة ومفجروها ولابد أن ينتهى عصر إستغلالهم والصعود على أكتافهم وحان الوقت ليكون الشباب هم أنفسهم من يقودوا الآخرين وليسوا مجرد تابعين ومهمشين فهلا نتوحد أيها الشباب ونصنع مستقبلنا كما توحدنا وغيرنا ماضينا وحاضرنا أتمنى من الله أن تجد دعوتى صداها ولدى قناعة بأن هؤلاء الشباب يستطيعون تفعيل الدعوة والتعاطى معها بما يكفل لنا تمثيلا يليق بشبابنا لنصنع مستقبلنا بأيدينا ونأخذ مكانتنا التى يستحقها شبابنا والله الموفق.

هل نعيد صياغة التوريث؟

جميعنا يعلم أن من بدأ الثورة المصرية الخالدة وخطط لها وأدارها وأنجزها حتى أسقط رؤوس النظام هم الشباب الذين فعلوا الكثير بل فعلوا ما لم يفعله مفكروهم ومثقفوهم وما لم يفعله المشتغلين بما يسمى معارضة ومن يدعون أنهم نخبة هذا لو إفترضنا أن لدينا نخبة وهذا يثير جدلا حول نوعية هذه النخبة وحول مسارها وأدواتها وربما لسنا هنا فى مجال مناقشة قضية النخبة الوهمية ولكننا بصدد التعرف على مكانة وأدوار أصحاب الثورة والذين فجروها فما يحدث ويدور على الساحة يوحى بأننا لانزال نعيش عصر التوريث فى ثوبه الجديد والذى كان من الأسباب الرئيسية لقيام الثورة فإذا بنا ننتقل من مرحلة التوريث العائلى إلى مرحلة التوريث الثقافى والنخبوى والفئوى فلو نظرنا إلى ما يجرى نجد أننا ربما قضينا على توريث الحكم من الأب إلى الابن ولكن دخلنا فى مرحلة توريث لنفس اللاحكومات ونفس اللأحزاب بنفس أشخاصها ونفس وجوهها بل وبنفس العبارات ونفس الكلمات التى طالما سئمناها ويجب أن يكون أصحابها قد سئموها أو على الأقل يكونوا قد إكتشفوا أنها لاتؤتى ثمارها حيث جربوها وإستخدموها على مدار مايزيد عن نصف قرن وهو عمر الحكومات التى تعاقبت علينا منذ الإستقلال فتجدنا تخلصنا من نظام لننتقل إلى نفس النظام بأسماء مختلفة بل ربما بنفس الأسماء ولكن فى الحقيقة لازلنا أسرى عملية التوريث وبعد الثورة تتوارثنا مجموعة من الأفراد هم نفس الأفراد التى عهدناهم فلو تأملت قليلا بل ربما لاتكون فى حاجة إلى التأمل ستجد أننا نعيش نفس عملية التوريث فها هى نفس الوجوه التى ترأس الأحزاب ونفس الأسماء التى تتحدث فى وسائل الاعلام بل ويقولون نفس الكلمات وحتى أنها نفس وسائل الاعلام ونفس الوجوه ونفس البرامج وألتفت يمينا ويسارا فلا أجد مكانا لأى من الشباب وهم الأصحاب الأصليين للثورة وكأنه لا دور لهم سوى أن يكونوا وقودا للثورة ولا ينالون نصيبا من مكتسباتها وكأن هناك من يتربص بهؤلاء الشباب حتى ينتهوا من مهمتهم ليصعد هؤلاء إلى القمة ويقطفوا ثمار هذه الثورة دون أن يقدموا لها شيئا سوى الركوب عليها والتغنى بأشعارها وتقمص أدوارها فالجميع يدعى أنه ظل مرابطا بالميدان حتى التنحى ومن لم يكن مشاركا فكان ابنه يؤدى الواجب نيابة عن العائلة فهل هذا جزاء الشباب وهل سيظل هكذا مجرد مرحلة تقوم على أعناقهم التغييرات والتضحية بأرواحهم ليحرروا أوطانهم ويغيروا أوضاع لم يستطع المتربصون تغييرها ليأتوا فيحصدوا ثمار الثورة دون أن يزرعوا شجرة أو يغرسوا بذرة هل سيظل الشباب هكذا مهمشين ليتابعوا أحداث أمامهم فيجدون نفس الشخصيات ونفس الوزراء ونفس الحكومات والتى تتعدى أعمارهم سن الأجداد ويتخطى أغلبهم سن المعاشات فأى ثورة تلك التى صنعها الشباب وأى تغيير هذا الذى نتحدث عنه وأى تقدم هذا الذى نسعى إليه إذا كنا نعيش فى ظل نفس الأسماء ونفس الشخصيات ويقودنا من يشتغلون بالفكر والثقافة وهم من بقايا العصور الوسطى ويجهلون معنى التغيير لأنهم ما عرفوه سابقا ولايفقهون شيئا عن الحرية لأنهم لم يمارسوها ساعة ولايدرون شيئا عن العلم لأنهم لم يكتسبوه يوما فياترى هل سيبقى الشباب هكذا دون مشاركة فى صنع قرارات وهم من إتخذوا أصعب وأهم القرارات فى تاريخ مصر وهو قرار الثورة هل سيبقون دون أدوار وهم من قاموا بأخلد الأدوار هل سيسمح الشباب لأنفسهم بالعيش هكذا مجرد وقود لثورات ثم يصبحون مجرد مشاهدين وغير فاعلين ويتركون الأمر لمن لم يقدموا شيئا سوى الإدعاء بأنهم الأجدر بالحكم والأصلح للقيادة ولابد أن يدرك الشباب أنهم الأجدر على قيادة الآخرين وأن يكونوا الأحرص على نتاج ثورتهم بل أن يكون لهم النصيب الأكبر من نتاجها وأن يكونوا بين أعضاء الحكومات وبين النخبة والعلماء حتى لاتضيع جهودهم وتضحياتهم هباء وحتى لايصعد على أعناقهم البلهاء والخبثاء بدعوى أنهم الحكماء وحتى لانعود إلى إستنساخ عملية التوريث بصيغة جديدة وأدوات مختلفة وأظن أن هؤلاء الشباب أنضج من أن يتلاعب بهم هؤلاء .

حتى لا نكرر أخطاءنا

إن الثورة الخالدة دعا إليها وبدأها مجموعة من الشباب وإنضم إليها باقى فئات الشعب بمختلف إتجاهاتهم وثقافاتهم ومستوياتهم ولم يجبرهم أحد على الإنضمام إليها سوى أنهم وجدوا مايلبى رغباتهم ويحقق طموحاتهم ويتوافق مع ميولهم فشاركت فيها الجماهير من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وإمتزج الجميع فى بوتقة واحدة تهدف إلى إنجاح الثورة وتحقيق أهدافها والتى إجتمعوا عليها ومرت الأيام وسقط النظام أو قل إن شئت سقطت رؤوس النظام ثم جاء الإستفتاء على التعديلات الدستورية وبدأ ما يسميه البعض الإنشقاق ولا أعرف أى إنشقاق يتحدثون عنه وكأنه من الضرورى أن نظل جميعا لسانا واحدا وفكرا واحدا وإتجاها واحدا ولكن ما حدث هو التنوع وحق الإختيار فى أمور ليست حتمية وتتضمن الإختلاف وهنا لابد من إحترام آراء بعضنا البعض إن كنا حقا نتحدث عن ثورة قامت لترسخ مبادىء الحرية والديمقراطية وتنشر مبادىء العدل ولكن بدأنا توجيه الإتهامات وكأن من يخالف وجهة نظرنا يصبح خائنا ثم بدأت أصوات تتعالى بإتهام البعض باستخدام الشعارات الدينية للتغرير بالجماهير وهنا أتساءل هل الملايين التى خرجت إلى الشارع عندما قامت الثورة وملأت الشوارع والميادين فى كافة أنحاء مصر عندما لم تكن هناك شعارات دينية ولم يخرجوا طالبين الجنة ولكن خرجوا ولبوا الدعوة لأنها توافقت مع تطلعاتهم وجاءت لتحقق مطالبهم فإستجابوا لها وإن كان الأمر هكذا فكيف حدث وقد إنضم إليهم من كانوا بينكم فى الميدان وممن كانوا يستجيبون لأوامركم وهنا أيضا أتساءل كيف تحول هؤلاء من طاعتكم إلى طاعة غيركم والإجابة تكمن فى أنهم لايطيعون أحدا سواء أنتم أو غيركم وإنما يختارون ما يرونه الأصلح لهم وللبلاد فعندما أدركوا أنهم فى حاجة إلى الثورة قاموا بها فينزلون إلى الميدان ويعتصمون فيه ولا يثنيهم عن إرادتهم أحد مهما كانت الظروف وعندما جاء الإستفتاء لم يتوجهوا إلى صناديق الإقتراع طاعة لهذا أو ذاك وإنما ذهبوا ليختاروا ما تمليه عليهم أنفسهم وما إقتنعت به عقولهم ليس فى سبيل الفوز بالجنة والبعد عن النار كما إدعى البعض ولكن فى سبيل تحقيق رغباتهم والوصول إلى غايتهم نتيجة قناعتهم بما يختارون لأن الأمر ببساطة لو تأملنا النتائج لعرفنا أن من صوتوا بالموافقة أغلبهم ممن كانوا لايتأخرون لحظة فى تلبية دعوات شباب الثورة فكيف الآن لايلبون النداء والأمر أبسط مما تعتقدون وهو أن هؤلاء هم من قاموا بالثورة دون طمعا فى الجنة أو خوفا من النار بل قاموا بها لأنها تلبى تطلعاتهم والآن هم أنفسهم من ذهبوا إلى لجان الإقتراع ليصوتوا بالموافقة لأنها أيضا تلبى تطلعاتهم ,إن من خرجوا للثورة عندما لم تكن هناك شعارات دينية خرجوا للتعبير عن إرادتهم دون دفع من أحد سوى دافعهم الشخصى وهم أنفسهم من خرجوا للموافقة على التعديلات بإرادتهم ليس بسبب شعارات دينية أو غيرها ولا يصح بعدما شهدنا لهم بالثقافة والحرية أثناء الثورة أن نصفهم اليوم وكأنهم مجرد متلقين لتعليمات أو تسوقهم الشعارات ووجب علينا ألا نبرر فشلنا بل نبحث عن أسبابه ودون محاولة تضليل الآخرين وتحميل البعض نتائج فشلنا وعلينا أن نتعلم من أخطاءنا ونبحث عن آليات جديدة تجعل الآخرين يقتنعون بمنهجنا .