27‏/8‏/2011

أحزاب مصر الكرتونية وألاعيبها البهلوانية

لاشك أن وجود أحزاب داخل كل مجتمع وتنوعها من حيث الأيدلوجية والمبادىء والتوجهات من شأنه إثراء الحياة السياسية بما تحمله تلك الأحزاب من أفكار ورؤى تختلف فيما بينها ولكنه إختلاف القرناء بما يثرى الحياة السياسية وينعكس بالتالى على الأداء السياسى العام داخل المجتمع ويسمح بصعود قوى سياسية وظهورأسماء تقدم رؤية واضحة وخطوات مدروسة من أجل نهضة وتقدم مجتمعاتها ولا شك أن وجود مثل هذه الأحزاب هو السبيل لتحقيق كل هذا ونخص هنا أحزاب المعارضة التى تقوم بدورالمراقب على أداء الحكومات ومتابعة سير الخطط وتقييم السياسات بما يضمن للمجتمع حسن الأداء ووضوح السياسات ولكننا فى مصر وعلى مدار ما يزيد عن نصف قرن ومنذ ثورة يوليو لم نجد دورا ملموسا لأحزاب تدعى أنها من كبريات الأحزاب ومن أقدمها وعلى سبيل المثال حزب الوفد والذى يعد أقدم الأحزاب المصرية بل حكم مصر فى فترة من الفترات ومع ذلك لا نجد له دورا ملموسا سوى الاسم والمقر أما على الساحة السياسية فلم نجد له يوما أغلبية برلمانية أو نشاطا سياسيا أو حتى فعاليات يلفت بها إنتباهنا ولكن وجدناه هزيلا ضعيفا بل ربما يفقد كل يوم من رصيده ولا يضيف إليه بل لا يحافظ عليه وهاهو حزب التجمع الوحدوى الذى يتغنى بالإشتراكية وأيا كان رأينا فيها فهذا ليس موضوع مقالنا ولكن على مستوى السياسات فلم نرى له أى تأثير سوى أنه تخلى عن كل مبادئه ومناهجه وبدا على إستعداد للتحالف مع الشياطين ليس من أجل وضع خطة تنموية أو وضع خطة موضوعية أو رسم خطى واضحة أو تنفيذ سياسات ناجحة أو مواجهة فساد أو محاربة مفسدين بل ليس من أجل مراقبة حكومة ومتابعة سياساتها ولكنه تحالف مع الجميع ليس إلا لمواجهة الإسلاميين وكأن الإسلاميين هم من يحكمون البلاد وهذا ليس سلوك حزب التجمع بعد الثورة فحسب بل وعلى مدار تاريخه الذى لم يقدم فيه شيئا سوى نموذجا صارخا للديكتاتورية متمثلة فى إحتكار رئيسه لهذا المنصب فلم نعرف عن الحزب شيئا سواء برنامجا أو سياسة ولكن كل ما نعرفه عنه هو اسم رئيس الحزب وكأن الحزب ولد عجوزا عقيما فلا يمكنه إنجاب أحدا غير رئيس الحزب الذى لم نسمع له يوما رأيا موضوعيا أو رؤية واضحة بل ما سمعناه منه هجوما متواصلا على الإسلاميين متمثلين فى الإخوان وكأنه ما جاء ليبنى بلاد أو يصلح أحوال وإنما جاء ليهاجم الإخوان وكأن دوره فقط هو الهجوم وياليته يهاجم الحزب الحاكم أو النظام القائم وإنما يهاجم من لا يحكمون وليس بيدهم زمام الأمور ولهذا لم نجد له وجودا فى الشارع أو بين الناس وهناك الأحزاب الليبرالية الحديثة ومنها حزب الجبهة والذى يترأسه أسامه الغزالى والذى بدا أنه مجرد رئيس رمزى أو مجرد واجهة للحزب لكنه لا يملك أى أدوات كرئيس حزب فلا يستطيع إتخاذ قرارات أو تنفيذ خطوات لأن الحزب فى الأصل ملك رجل الأعمال ساويرس والذى لم يعمل يوما فى السياسة والذى يرأس الآن حزب المصرييين الأحرارالذى أسسه بعد الثورة بالإضافة إلى الأحزاب المستنسخة من حزب المصريين الأحرار وجميعها إما ملك ساويرس أو يمولها من خلف الستار وهذه الأحزاب الليبرالية ما هى إلا نسخة مكررة من حزب واحد يملكها واحد ويمولها واحد فى محاولة فاشلة لتضليل الرأى العام وتفتيت الأصوات ليس من أجل إثراء الحياة السياسية أو تقديم إضافة لها أو تقديم المزيد من الرؤى أو الخطط التى تخدم الوطن ولكن نشأت هذه الأحزاب الليبرالية لغرض واحد وهو مواجهة التيارات الإسلامية ليس على أساس منافسة سياسية ولكن لأن أصحاب الأحزاب الليبرالية لا يريدون دولة ذات مرجعية إسلامية أو حتى مجرد توجه إسلامى وعلى هذا جاءت تلك الأحزاب الليبرالية لإجهاض أى مشروع إسلامى وليس لتقديم نماذج سياسية متنوعة أو وضع خطط واضحة تأخذ بالبلاد نحو التطور والتقدم وبالرغم من قولهم الدائم بأن المصريين متدينون بطبيعتهم إلا أنهم لا يستطيعون تقديم الأفكار التى تجذب هؤلاء المصريين لأحزابهم وبدلا من تقديم نماذج حزبية يلتف حولها الشعب وبدلا من تقديم برامج يجتمع حولها الغالبية وبدلا من تقديم بديل لأحزاب قائمة وجدنا هذه الأحزاب لا تلعب دورا هامشيا بل لا تلعب أى أدوار لأنها ما جاءت لتقدم جديد بل بدا واضحا أنها قامت لتشويه صورة أحزاب أو جماعات دينية فغفلت عن تقديم سياسة مقنعة أو رؤية واضحة ولهذا لم يقتنع بها المواطن وإلتفت عنها لأن الشعب أصبح واعيا ومدركا لكل ما يدور ويمكنه التمييز بين هذا وذاك ولذلك لم تستطع تلك الأحزاب سواء الليبرالية أو اليسارية أن تكسب رأيا أو تجذب جمهورا وعليها جميعا مراجعة مناهجها وإعادة النظر فى سياساتها.

24‏/8‏/2011

مابين عهد مضى وعهد قادم





إن ما حدث من إعتداءات إسرائيلية على جنود الجيش المصرى على الحدود ربما يتعدى حدود الحرب البارده إلى محاولة جس نبض القيادة المصرية بعد الثورة وربما التعرف عن قرب على رد فعل الشارع المصرى ولو إعتبرنا ما حدث كان بمثابة بالون إختبار لشكل العلاقة التى من المحتمل أن تربط البلدين فيما بعد عصر مبارك لأن ماحدث ليس بالجديد فقد كان يحدث ويتكرر مرارا أثناء الحكم البائد وربما تكون محاولة من الجانب الإسرائيلى فى الدفع بطريق عدم الإستقرار داخل مصر وعرقلة عملية التحول الديمقراطى وإعطاء نفسها الفرصة للبحث عن نظام جديد يلبى طلباتها أو على الأقل يضمن لها الأمن والسلام فى المنطقة ولذا لا نستبعد وقوف إسرائيل وراء ما يحدث داخل مصر من فوضى ودعوة لعدم الهدوء وتحديدا ما يحدث فى سيناء بل ربما تقوم بتدعيم وتمويل جماعات حتى تتلكأ بعدم قدرة مصر على حماية الحدود وبعدها تطالب بحماية دولية أو ربما تفكر فى حماية الحدود المصرية هى بنفسها أو السعى لإقامة منطقة عازلة تفصل بينها وبين مصر بالرغم من وجود تلك المنطقة بالفعل لأن وجود الأمن المصرى هناك لا يمثل سوى مسألة رمزية ولكنها غير ذات نفع وهنا لابد أن يكون حاضرا فى ذهن النظام المصرى مدى تعقيد وتشابك العلاقة بين البلدين والتى تحتاج إلى حسابات دقيقة بما يعطى لمصر القدرة على حماية حدودها وبسط سيادتها على كامل أراضيها وإظهار القوة المطلوبة خاصة بعد الثورة لأن هناك رأى عام داخلى يضغط بدوره على النظام ولهذا فهناك حسابات دقيقة لابد أن يتم إجراؤها بما يعكس هذا العهد الجديد وبما لا يجر البلاد فى مواجهة نحن لسنا فى حاجة إليها ولكن فى الوقت نفسه يريد الشعب أن يشعر بأن ثورته إنتقلت به من عهد كان يشعر فيه بالضعف والمهانة من النظام البائد إلى عهد يرى فيه سياسات حكومته التى تعكس العزة والكرامة وعلى المجلس العسكرى أن يتخذ موقفا حاسما وحازما يجمع بين القوة والحكمة وهذا ما يتمناه الشعب ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه حيث لاحظنا تأخر الرد المصرى على الحادثة ولم نسمع أى مسئول يدلى بأية تصريحات وترك المجلس والحكومة الشعب يخمن ويبحث عما يدور داخل الأروقة حتى طلع علينا بيان مجلس الوزراء الذى إختلف نوعيا عما كان يصدر فى العهد البائد ولكن لا يلبى طموحات الشعب فكان أقصى ما فيه طلب إعتذار من الجانب الإسرائيلى وهذا لا يرقى إلى حجم الإعتداء الذى وقع ثم أعقب هذا البيان ملحقا حمل فيه سقفا أعلى فى المطالب وهو سحب السفير المصرى من تل أبيب وما لبث الشعب يفرح بهذه الخطوة حتى يخرج علينا المجلس فينفى سحب السفير بحجة أن البيان صدر بطريق الخطأ وهنا كانت سقطة أكبر من السقطة الأولى ثم خرج علينا المجلس العسكرى ببيان باهت اللون عديم الرائحة لا يحتوى على شىء وإنعكس ذلك كله على المزاج العام لدى الشعب الذى بدا محبطا فلم يشعر بتغيير فى السياسات عما عهده فى ظل الحكم البائد وهنا نتوقف قليلا ونسأل المجلس العسكرى بصفته القائم بحكم البلاد إننا لم نطالب المجلس بإعلان الحرب على إسرائيل ولكن كان أملنا أن نستفيد من هذا الموقف لتحقيق مكاسب لطالما تمنيناها فكان يمكن للمجلس أن يرفع سقف طلباته فيطالب بإلغاء إتفاقية كامب ديفيد ويجلس الطرفان فى محاولة للتهدئة حتى نصل إلى بعض المكاسب فنتنازل عن هذا المطلب ونطلب تعديل بعض بنودها ونهدد بإلغاء إتفاقية الغاز حتى نقوم بتعديل أسعاره كانت هذه الواقعة تمثل فرصة ذهبية لمصر لتحقيق مكاسب هائلة ولكننا نسينا أن المجلس العسكرى ربما يمكنه أن يحكم ولكن لا يمكنه أن يدير على عكس ما يقول لأنه ببساطه ربما لم يتعلم يوما كيف يدير تفاوضا وكيف يحقق مكاسبا ويبقى فى النهاية أننا لم نحقق شيئا من هذه الواقعة فلم يصدر حتى مجرد إعتذار وكل ما تحقق أننا خسرنا شهداءنا وأن دماءهم ذهبت هباءا ونخشى أن تذهب ثورتنا هباء وهذا من المحال طالما بقى بيننا الرجال والأبطال إننا لا نطالب المجلس بالمواجهة مع العدو ولا ندعوا الشعب إلى التصادم مع المجلس العسكرى بالرغم من تحفظاتنا على بعض سياساته ولا نحاول إفتعال أزمة ولكن هى محاولة لتقييم أداء المجلس سياسيا وتقويمه حتى لا تتكرر الأخطاء وحتى لا تستباح الدماء وتنتهك الكرامات لأن الشعب ربما يمكنه الصبر ولكن أبدا لا يمكنه الصفح والعفو خاصة إذا كان المخطىء عدوا لدودا وسيظل هكذا أبدا ما حيينا فرجاء أن تعقلوا الأمر وأن تحفظوا لنا هيبتنا وكرامتنا وإلا فالعواقب وخيمة .