إن الثورات تقوم لإزاحة أنظمة وإستبدالها ليس لمجرد الإزاحة فحسب ولكن لأن تلك الأنظمة تكون ظالمة ومستبدة وغير عادلة ولا ترعى مصالح البلاد والعباد فيتذمر الشعب وفى لحظة ما ينقلب على تلك الأنظمة من أجل تغيير أوضاع وتحسين أحوال ومنذ قيام ثورتنا الخالدة والتى كانت أولى كلمات شعارها العيش وذلك للدلالة على مدى المعاناة التى يعيشها المواطن البسيط الذى يتطلع إلى أبسط مقومات الحياة فيطلب مجرد لقيمات تقمن صلبه وتحفظ عليه حياته وبعد مرور ما يقارب الخمسة شهور من قيام الثورة لم نرى عيشا ولا دقيقا بل لا نرى سوى زيادة فى الأسعار كل يوم وكأننا قمنا بثورة حتى نكتوى بنار الغلاء ونزداد بؤسا تحت وطأة البطالة مع أن الشريحة الكبرى ممن شاركوا بالثورة من العاطلين عن العمل وكان دافعهم هو البحث عن فرصة عمل فى ظل أوضاع جديدة وظروف أفضل تتيحها الثورات وتنتجها التغييرات إلا أننا حتى الآن لم نسمع نفر من هؤلاء المفكرين والسياسيين والمتثقفين ينبش بشفة عن أوضاع أولئك العاطلين والذين أغلبهم من خريجى الجامعات والمعاهد العليا وحتى من هم دون ذلك فجميعهم أبناء الوطن ويجب على القائمين على هذا الوطن توفير فرصة عمل لهم حتى يعيشوا حياة كريمة بل يعيشوا مجرد حياة ولكن ما نراه أن هؤلاء العاطلين ربما ليس لهم نصيب من نتاج ثورتهم فلا أحد يذكرهم حتى ولو بسوء ولا أحد يفكر فى قضيتهم التى هى أم القضايا وإذا كان العاملون بالحكومة أقاموا الدنيا وأقعدوها حتى تزيد رواتبهم لأنها لا تكفيهم فما بالنا بمن لا عمل لهم ولا وظيفة وكيف يكون حالهم وكيف تكون حياتهم إن أولئك العاطلين هم الأولى بالمرتبات وبدلا من رفع دخول أصحاب الدخول كان الأجدر أن نوزع تلك الدخول على الآخرين فلا نجعل واحدا يعيش فى رغد ونترك آخرا يعيش فى ضيق وفى شقاء وإذا كان أصحاب الدخول فى حاجة إلى زيادة دخولهم فمن الأجدر أن نبحث عن دخل لذاك العاطل الذى لا دخل لديه بالمرة أم أن العامل بالحكومة هو ابن مصر وذاك العاطل هو ابن النيل والإثنان سواء ويجب علينا أن نبحث عن طريقة يعيش بها المواطن كريما وألا نكرم فئة على حساب فئة مطحونة بل وتزداد بؤسا فوق بؤسها ويجب البحث عن حلول عاجلة لهؤلاء العاطلين الذين لا دخل لهم حتى لا ينقموا على هذه الثورة ولا يحقدوا على هذا الوطن فالمساواة فى الظلم عدل والعدل فى العدل هو منتهى الملك فيا أيها القائمون على أمر البلاد إعلموا أن العاملين بالدولة هم أبناء الوطن وإذا كانوا فى حاجة إلى نظرة فإن العاطلين هم أيضا أبناء الوطن ويحتاجون إلى نظرات وليس نظرة واحدة ولابد لهم من حل حتى يتساوى الجميع فنعيش فى ظل العدل والحق والمساواة ويكون لدينا إنسانا سويا وطنيا يحب بلاده ويحب أهله وأصحابه.