30‏/1‏/2012

شرعية البرلمان ومساندة الميدان

لاشك أن الثورة المجيدة ما كان لها أن تكون بدون مشاركة جماهير الشعب بمختلف توجهاتها وإلتفاف العامة قبل الخاصة حول هذه الجماهير وتدعيمها لها حتى من لم يشارك فيها بالنزول إلى الميدان ولا يستطيع أحد أن يختزل الثورة فى فصيل أو فى شخص ما وهذا يعنى أنه لا يمكن لأحد أن يحتكر الثورة أو ينصب نفسه واصيا عليها ليتحكم فيها أو يوجه مسارها ولكن بدا فى الأيام الأخيرة وخاصة بعد الإنتخابات البرلمانية أن هناك من يريد فرض الوصاية على الثورة لأسباب نعلمها جميعا ومنها فشل هؤلاء فى تحقيق أى مكاسب فى الإنتخابات وربما شعروا بأنهم خرجوا من السباق بلا شىء ونسوا أننا جميعا فائزين بثورتنا وبالطبع هناك من يزكى هذه الروح ويغذيها ويدفع بتيارات سياسية نحو التصادم مع فصائل أخرى ربما كانت أكثر حظا فى تحقيق مكاسب سياسية وهذا حقهم نتاج جهدهم وإلتحامهم بالجماهير وليس مجرد إلقاء خطب عبر الفضائيات وهنا وجدنا من يخرج علينا ليقول أن البرلمان لا يمثلنا ولا نعترف بشرعية سوى شرعية الميدان وهذا منحى جديد وخطير لسير العملية السياسية التى تشهدها مصر وإذا كان الميدان هو سبب رئيسى لقيام الثورة ونجاحها لكن هذا لا يعنى أن يصبح هو الشرعية لأنه مهما كان عدد من يتواجدون فيه فلا يملكون الشرعية التى يمكنهم بها فرض رؤياهم على جموع الجماهير فهناك مسارات محددة لإكتساب الشرعية وهى الإحتكام إلى الإنتخابات والرضى بنتائجها وقد أفرزت الإنتخابات مجلسا لم نشهد له مثيل من قبل وهذا المجلس ربما يكون هو المؤسسة الرسمية الوحيدة التى تمتلك الشرعية الدستورية وعلى الجميع التسليم لها وفى الوقت نفسه لا يمكننا أن نغفل دور الميدان ولكن ليس كشرعية بديلة وإنما كورقة ضغط على المؤسسات وليس بديلا عنها فيمكنه مراقبتها وتقييم أداءها وليس الإحلال مكانها فهذا الميدان يعبر عن جزء من المجتمع وليس كل المجتمع والكل يشمل الجزء ولا يمكن إختزال الكل فى جزء والشعب قد أنتج شرعية دستورية هى البرلمان أما أن يخرج علينا بعض الأفراد أو القوى مهما قل عددها أو كثر فلا يمكن لها أن تكون واصيا على إرادة الجماهير التى إختارت من يمثلها ولا يمكن لأحد أن يعقب على إختياراتها ويبدوا أن هناك قوى ظلامية تريد إرباك البلاد وخلق حالة من الفوضى التى لا تنتهى تحت مبررات واهية وحجج كاذبة ومطالب سطحية مستغلة بعض الأخطاء التى وقعت فيها السلطة الحاكمة ومستغلة عواطف البعض وهذا ليس بالأمر الصواب وعلينا أن نرتضى بإختيارات الشعب وإحترام إرادته وخرجت بعض الأصوات لتطالب برحيل المجلس العسكرى الآن وهؤلاء الذين يطالبون برحيله الآن هم أنفسهم الذين طالبوا كثيرا ببقائه فى السلطة حتى تستعد أحزابهم على أمل أنه ربما يمكنها المنافسة على مقاعد المجلس وهاهم بعدما فشلوا فى المنافسة فيريدون رحيله الآن ليس من أجل صالح البلاد ولكن لإحداث حالة من الفوضى تعم البلاد ثم نبدأ المشوار من جديد ومحاولة إحداث حالة تصادم مع الجيش وبين الجيش والشعب وعلينا أن نعى أنه ما من أحد مستفيد من إحداث تلك الفوضى والدعوة إلى الإنقلاب على الشرعية التى جاءت بإرادة حرة عبر إختيار شعبى فى إنتخابات غير مسبوقة ولا يمكن لأحد التعقيب على إختياراته ولا يمكن لأحد الإنقلاب على شرعيته التى إرتضاها وآن لهؤلاء الفوضويين الظلاميين الذين يريدون جر البلاد نحو فوضى لا تنتهى أن يضعوا مصلحة الوطن قبل مصلحة أى فرد أو فصيل فلقد حان الوقت أن تستقر الأوضاع وتهدأ الأحوال حتى نتمكن من إعادة بناء وطن جديد يقوم على إحترام بعضنا بعض وعلى إحترامنا لإختياراتنا وأن نؤسس لدولة ديمقراطية طالما تطلعنا إليها ولطالما نادى بها هؤلاء الذين ينقلبون الآن عليها بل وينقلبون على إرادة الأغلبية التى قالت كلمتها وإختارت من يمثلها ولن ترضى ولن تقبل أن ينقلب أحد على إرادتها ووجب على الخاسرين أن يوجهوا التهنئة للفائزين فتلك هى الديمقراطية ولن نرضى عنها بديلا فهيا بنا نتعاون فى سبيل بناء الوطن فليس هناك من خاسر وفائز ولكننا جميعا فائزون لأننا كسبنا وطنا جديد يقوم على الحرية والعدل والمساواة وبدلا من هدم ما إكتسبناه من نتائج ثورتنا هيا بنا نبى عليه فنؤسس لوطن لطالما حلمنا به ونترك من بعدنا مجدا لأبنائنا لطالما حرمنا منه طويلا فلا تهدموا ما بنيناه ولا تهدروا تضحيات شهداءنا وجرحانا فتعالوا جميعا نشارك فى إعلاء قيمة الديمقراطية وإعلاء شأن الحرية وترسيخ مبادىء التعددية وتتوافق حول أهداف عامة تجمع بيننا جميعا وبدلا من الفرقة نتجه إلى الوحدة فنبنى ونعلى من شأننا وشأن وطننا.