2‏/12‏/2011

أباطيل النخبة

عشنا عقودا فى ظل النظام السابق وما شهدناه من قمع وإستبداد وفساد وتهميش لكافة جموع الشعب وقالوا عنا كثيرا أننا لا نرقى إلى مستوى ممارسة الديمقراطية أو التمتع بالحقوق السياسية وكان من بين هؤلاء بعض المعارضين الذين تم تعيينهم من قبل النظام البائد من قبيل إستكمال الشكل العام للديمقراطية وكان هؤلاء المزيفين من المعارضة يتاجرون بالشعب ويزيفون له الحقائق فى مقابل حصولهم على تلك المقاعد فتاجروا بالمصريين الشرفاء فى خطاب ظاهره الدفاع عن حقوقهم وفى حقيقته الإتجار بهم وترويج تجارتهم أما الآن وقد أصبح المصريون يملكون قرارهم ويحددون مصيرهم وعندما وجدت تلك النخبة الكاذبة أن الشعب لم يعد يلتفت إليهم وأنه هو من يعلم نخبته الزائفة أصول الديمقراطية وفنون السياسة فإذا بهؤلاء ينقلبون على الشعب ويتخذون موقع النظام البائد ويرددون نفس خطابه مدعين على الشعب أنه لا يفقه شيئا ولا يعلم كيف يختار من يمثله إنقلبوا على الشعب عندما لم تأتى أصواته فى صالحهم فإذا بهم يصفونه بأحط الألفاظ وأدنى الكلمات وكأنهم يريدون شعبا أصما أبكما لا يقول سوى سمعنا وأطعنا ويفعل ما يؤمر ويلبى ما يسمع ونسوا أن هذا الشعب قادر على تقرير مصيره وإختيار نخبته وقادر على أن يميز بين من يتاجر به ومن يدافع عن حقوقه عندما علمت تلك النخبة الزائفة أن هوى الشعب وفطرته لا تتطابق مع هوى وفطرة تلك النخبة فها هو الشعب يؤمن بدينه ويدافع عنه وها هو يتمسك بشعائره فأخذت النخبة تهاجم كل ما ينتمى إلى الإسلام بل ويشككون فى الإسلام نفسه ومدى صلاحيته لهذا العصر أخذوا يهاجمون كل التيارات الإسلامية وإتهموها بإستغلال سذاجة الشعب وخداعه عن طريق منحه البعض من السلع وكأنهم يتحدثون عن شعب متسول ونسوا أن هذا الشعب يملك من الكرامة ما يجعله يصوم الدهر عن الطعام والشراب ولا ينال أحدا من كبريائه وكرامته وأكبر دليل على كذب هؤلاء المرتزقة من دعاة النخبة أن الأغلبية التى صوتت للتيار الإسلامى فى قلب أوروبا وتحديدا فى قلب النهضة فى بريطانيا وحصول الإسلاميين على النسبة الغالبة من أصوات المصريين هناك وهل نجاح الإسلاميين بالنقابات المصرية أيضا بالخداع وهل هؤلاء أيضا قد خدعوا وهل هؤلاء فى حاجة إلى كيس من السكر أو زجاجة من الزيت كما يدعى هؤلاء المرتزقة وهل هؤلاء من السذاجة والأمية التى تجعلهم لا يستطيعون التمييز بين الصالح والطالح وبين الصواب والخطأ أم أن تلك النخبة الزائفة تدعى وتكذب ولطالما تكذب لأن الكذب تجارتهم التى يتطفلون عليها فهم يتاجرون بكل شىء فلقد تاجروا بالثورة والثوار وها هم يتاجرون بدماء الشهداء وهم من الثورة والشهداء براء ولكنهم إعتادوا النفاق وإمتهنوا الكذب والخداع فيمكنهم التحول من حال إلى حال فهم أقدر من الحرباء على تغيير الألوان وعلى التخلص من جلودهم ولم يكونوا يوما أحرارا ولم يكونوا يوما ثوارا بل عاشوا فى كنف النظام البائد يرتعون فى خيراته ويمتصون معه من دماء أبنائه البسطاء ولما سقط النظام راحوا يبحثون عن تجارة أخرى فوجدوا فى الثورة ضالتهم فركبوها ليتاجروا بها وبشهدائها ولا يزالون يتاجرون ولو تغير النظام كل يوم فستجدهم يتلونون بلونه ويتحدثون بكلماته ولا يملون الكذب ولا يسأمون الخداع ولا يتوقفون عن التلون فتلك خصائصهم وتلك صفاتهم فها هم يهاجمون كل نبيل ويرفعون من شأن كل حقير ولا يرتدعون مما سبقوهم ولا يخشون سوى الحق الذى ما عرفوه قط فعاشوا نفاقا وتحدثوا كذبا وقالوا زورا وبهتانا ولكن أحدا لا يسمعهم بل لا يسمعون إلا أنفسهم وإنكشف للجميع أمرهم ولكنهم لا يزالون فى غيهم يعمهون وعن الناس والشرفاء بعيدون وياليتهم يرجعون ويتوبون.

الشعب يقود نخبته

خرج الشعب المصرى بكافة أطيافه وعلى إختلاف مستوياته ليدلى بصوته فى الإنتخابات البرلمانية الأولى بعد الثورة وبعد سقوط النظام ليعبرعن رغبته فى إختيار ممثليه بكامل إرادته دون تزييف ودون توجيه خرج عندما أيقن أن لصوته قيمته وسوف يضيف إليه ويصنع مستقبله بيديه لا بأيدى غيره خرج ليقول نعم للإستقرار والهدوء والبناء خرج ليقول نعم للشرعية التى مصدرها الصندوق وليست الشوارع والميادين خرج بهذه الكثافة بالرغم من نداءات المقاطعة وبالرغم من تصدى النخبة للقنوات الفضائية وتخويفها من الإنتخابات بل وطلبها عدم إجراؤها فخرج الشعب ليقول لنخبته لا لأنكم لا تعبرون عنا ولا تتحدثون إلينا وخطابكم ليس موجها إلينا ولا تقتنع به عقولنا بل هو خطاب يدور بينكم ولا يصل إلينا ولا نقتنع به ونحن أعلم بظروف بلدنا وبإحتياجاتنا ونحن أحرص على الوطن من هؤلاء النخبة التى لا تمثل سوى شخوصها ولا تدرى شيئا عن واقعنا خرج الشعب ليبعث رسالة إلى هؤلاء الذبن يدعون الثورة ونصبوا أنفسهم وكلاء عنه بل وإعتبروا أنهم أوصياء على جموع الشعب خرج ليقول لمن يدعى أن الميادين والشوارع هى من يسيطر وهى من يقود أننا الشعب من يقود نفسه ومن يوجه بوصلته ولا أحد مهما علا شأنه يمكنه إمتلاك أمرنا أو الوصاية على تصرفاتنا مثلما خرج أثناء الثورة حينما شعر أن الواجب يناديه فخرج الشعب ليس لأن أحدا ناداه ولكن لأن ضميره هو الذى أخرجه وهو الذى يحركه ومستقبله هو الذى يقوده وليس لأجل أحد وليس بقيادة أحد وهكذا وجدنا جموع الشعب بكافة طوائفه تشارك فى صنع ثورته وتأسيس مستقبله والآن هو نفس الشعب يشارك بمختلف ألوانه فى هذا العرس الديمقراطى والذى تريد أطراف عديدة له ألا يكتمل ولكن سلوك الشعب أثبت أنه أكثر وعيا من دعاة النخبة فخرج ليقول لا للفوضى ولا لعدم الإستقرار ولا للوصاية علينا ولا للنخبة المزيفة التى لا تعبر عنا وعن آمالنا وهمومنا وليست سوى نخبة فضائيات تمارس خطاب الصالونات فخرج ليعلن تمرده عما يحدث فى الشوارع والميادين ويثبت للجميع أنه لا يزال حيا ينبض بدماء الحرية ويناضل من أجل الديمقراطية الشرعية وليست ديمقراطية القلة خرج ليقول نعم للشرعية التى تأتى بإختياره لا بالوصاية عليه خرج ليقول لا يصح بأى حال بعدما إنتزع حريته بيديه أن ينتقل من إستبداد حاكم ليستبد به مجموعة لتتحدث باسمه وتنصب نفسها واصيا عليه خرج ليقول أنا من يعطى الشرعية ولا أرضى بالوصاية من أحد ولا أقبل أن ينوب عنى أحد خرج ليرسل رسالة إلى دعاة الديمقراطية ودعاة النخبة أننى الشعب أعبر عن نفسى بكامل إرادتى دون وسيط ودون وكيل نعم أنا الشعب المصرى الذى لطالما إنفرد بخصائص فريدة وسلوكيات عجيبة تظهر وتنجلى وقت الشدائد والمحن أنا الشعب الذى ربما أصمت وأصبر طويلا ولكن ليس لجهل أو رضا وإنما هو الترقب والإنتظار حتى تحين اللحظة الحاسمة فأخرج لأقول كلمتى وأظهر معدنى نعم أنا الشعب أنا الشعب لا أعرف المستحيل ولا أرضى بالخلود بديلا.