27‏/12‏/2010

إعتدال وليس إنحلال

إن دوام الحال من المحال والتغيير من سنن الحياة ولكن يبقى أن نحدد نوع التغييرالمطلوب وشكله فهناك ثوابت لايمكن تغييرها أو تبديلها ولكن فى سعينا من أجل مواكبة العصر وملاحقة التطورات والتعايش مع المستجدات يجب علينا محاولة التوصل إلى صيغة يمكننا بها الحفاظ على ثوابتنا وهويتنا وفى الوقت نفسه مسايرة تطورات الحياة دون التخلى عن قيمنا ومبادئنا الثابتة لهذا لايمكننا الوقوف عند مرحلة معينة نختبىء خلفها خشية الإنزلاق مع تيارات واردة لم نعرفها من قبل ولم نعايشها سابقا فهذا الإختباء لايساعدنا فى الحفاظ على هويتنا وثوابتنا لأننا لن نستطيع مواصلتة فى عصر أصبح فيه الإندماج ضرورة حتمية والتواصل فيه له أهمية بالإضافة إلى إنتشار وسائل الإتصال وتكنولوجيا المعلومات فأصبح لايمكن بحال من الأحوال أن نمنع أبناءنا من الوصول إلى معلومات ربما نريد حجبها عنهم أوالتعرف على سلوكيات نراها لاتتماشى مع تقاليدنا وقيمنا فلم يعد فى الإمكان أن تقوم الدول بحجب المعلومات أو منع الأجيال من الوصول إليها أو الحيلولة بينهم وبين التعرف عليها أو مشاهدة بعض المواد التى تحتوى إسفافا وإبتذالا حيث تسود هذه التكنولوجيا العالم بأسره وفى الوقت الذى أصبح فيه العالم قرية صغيرة بل يكاد يكون غرفة واحدة يجلس فيها الجميع سويا فأصبح الإنفصال عن الآخر دربا من دروب الخيال بل على العكس أصبح من المهم التواصل معه والتعرف عليه وعلى ثقافته وعاداته ولكن تبقى كيفية التعرف وأصوله وحيث أننا قد تأكدنا أنه لم يعد فى الإمكان الإختباء أو الإبتعاد عن الساحة الدولية سواء بين الدول أوالشعوب لذا يلزم علينا صرف النظر عن هذا المنع ولكن نعمل على التواصل بين الشعوب والثقافات شريطة أن نكون قد قمنا بتربية أبناءنا وتوعيتهم وغرس القيم الصحيحة والمبادىء الأساسية عن طريق التعليم فى مدارسنا والتربية والتنشئة فى بيوتنا فلم يعد الزمان يسمح بأن ننشغل فى كيفية المنع بل الأجدر تعليم الأجيال كيفية التعامل معها وحسن إستخدامها وعدم الإنجراف فى مزالقها أو السقوط فى هاويتها أو إعتناق مبادئها ونقل سلوكيات لا تتماشى وقيمنا ولن يتأتى هذا سوى بالتعليم والتثقيف وليس بالمنع والحجب وعندها تستطيع الأجيال التعامل مع الآخرين دون الإنزلاق أو السقوط بل بحسن التصرف والسلوك فينمى مهاراته ويحفظ هويته دون التخلى عن عادات وتقاليد ثابتة بل ربما يستطيع هو نقل قيم وعادات يراها سوية وصحيحة إلى الآخرين بدلا من أن ينقل عنهم كل ماهو سىء وهكذا نصل إلى نتيجة مفادها أنه لم يعد فى إمكاننا الإنعزال عن العالم وأصبح الواقع يحتم علينا التواصل مع الآخر والإنفتاح عليه وليس هذا معناه أن نلقى بثوابتنا وقيمنا وراء ظهورنا ولكن أن نطور من أداءنا بحسن التعامل وإجادة الحوار والحفاظ على ثوابت هى فى الأساس تمثل هويتنا التى نستمد منها وجودنا بين الأمم وكل هذا وذاك لايمكن إنجازه إلا بخلق أجيال واعية قادرة على التعامل والتحاور مع الأخرين ليس لمجرد تقليدهم أو النقل الأعمى عنهم بل بالتمسك بقيم ومبادىء راسخة دون التشدد والتزمت والرجوع إلى ماض بعيد لم يعد قائما ولكن بحسن الحوار وتطوير الإتصال بالشكل الذى يحفظ لنا مكانتنا ويحافظ على هويتنا وفى الوقت ذاته يعكس تطورنا ونهضتنا فليس من المحتم لكى أواكب التطورات أن أتخلى عن القيم والثوابت والعادات ولكن دائما ماتكون هناك مساحات نستطيع التحرك فيها دون المساس بالثوابت والمسلمات ولن يتأتى ذلك بالإبتعاد والإنزواء ولكن بتأسيس أسرة تعلم وتربى وتثقف وليس بالتحكم والمنع بل بالمتابعة والتقويم لأنه لم يعد من الصالح التسلط وإدارة شؤون الأبناء بدلا منهم ولكن بالتوجيه والتقويم عند الشعور بالإنزلاق عن الطريق القويم وبهذا يمكننا التمسك بثوابتنا والحفاظ على هويتنا والحياة بحرية وإستقلالية ولكن دون أن تتحول إلى فوضى وعشوائية .