إن دوام الحال من المحال والتغيير من سنن الحياة ولكن يبقى أن نحدد نوع التغييرالمطلوب وشكله فهناك ثوابت لايمكن تغييرها أو تبديلها ولكن فى سعينا من أجل مواكبة العصر وملاحقة التطورات والتعايش مع المستجدات يجب علينا محاولة التوصل إلى صيغة يمكننا بها الحفاظ على ثوابتنا وهويتنا وفى الوقت نفسه مسايرة تطورات الحياة دون التخلى عن قيمنا ومبادئنا الثابتة لهذا لايمكننا الوقوف عند مرحلة معينة نختبىء خلفها خشية الإنزلاق مع تيارات واردة لم نعرفها من قبل ولم نعايشها سابقا فهذا الإختباء لايساعدنا فى الحفاظ على هويتنا وثوابتنا لأننا لن نستطيع مواصلتة فى عصر أصبح فيه الإندماج ضرورة حتمية والتواصل فيه له أهمية بالإضافة إلى إنتشار وسائل الإتصال وتكنولوجيا المعلومات فأصبح لايمكن بحال من الأحوال أن نمنع أبناءنا من الوصول إلى معلومات ربما نريد حجبها عنهم أوالتعرف على سلوكيات نراها لاتتماشى مع تقاليدنا وقيمنا فلم يعد فى الإمكان أن تقوم الدول بحجب المعلومات أو منع الأجيال من الوصول إليها أو الحيلولة بينهم وبين التعرف عليها أو مشاهدة بعض المواد التى تحتوى إسفافا وإبتذالا حيث تسود هذه التكنولوجيا العالم بأسره وفى الوقت الذى أصبح فيه العالم قرية صغيرة بل يكاد يكون غرفة واحدة يجلس فيها الجميع سويا فأصبح الإنفصال عن الآخر دربا من دروب الخيال بل على العكس أصبح من المهم التواصل معه والتعرف عليه وعلى ثقافته وعاداته ولكن تبقى كيفية التعرف وأصوله وحيث أننا قد تأكدنا أنه لم يعد فى الإمكان الإختباء أو الإبتعاد عن الساحة الدولية سواء بين الدول أوالشعوب لذا يلزم علينا صرف النظر عن هذا المنع ولكن نعمل على التواصل بين الشعوب والثقافات شريطة أن نكون قد قمنا بتربية أبناءنا وتوعيتهم وغرس القيم الصحيحة والمبادىء الأساسية عن طريق التعليم فى مدارسنا والتربية والتنشئة فى بيوتنا فلم يعد الزمان يسمح بأن ننشغل فى كيفية المنع بل الأجدر تعليم الأجيال كيفية التعامل معها وحسن إستخدامها وعدم الإنجراف فى مزالقها أو السقوط فى هاويتها أو إعتناق مبادئها ونقل سلوكيات لا تتماشى وقيمنا ولن يتأتى هذا سوى بالتعليم والتثقيف وليس بالمنع والحجب وعندها تستطيع الأجيال التعامل مع الآخرين دون الإنزلاق أو السقوط بل بحسن التصرف والسلوك فينمى مهاراته ويحفظ هويته دون التخلى عن عادات وتقاليد ثابتة بل ربما يستطيع هو نقل قيم وعادات يراها سوية وصحيحة إلى الآخرين بدلا من أن ينقل عنهم كل ماهو سىء وهكذا نصل إلى نتيجة مفادها أنه لم يعد فى إمكاننا الإنعزال عن العالم وأصبح الواقع يحتم علينا التواصل مع الآخر والإنفتاح عليه وليس هذا معناه أن نلقى بثوابتنا وقيمنا وراء ظهورنا ولكن أن نطور من أداءنا بحسن التعامل وإجادة الحوار والحفاظ على ثوابت هى فى الأساس تمثل هويتنا التى نستمد منها وجودنا بين الأمم وكل هذا وذاك لايمكن إنجازه إلا بخلق أجيال واعية قادرة على التعامل والتحاور مع الأخرين ليس لمجرد تقليدهم أو النقل الأعمى عنهم بل بالتمسك بقيم ومبادىء راسخة دون التشدد والتزمت والرجوع إلى ماض بعيد لم يعد قائما ولكن بحسن الحوار وتطوير الإتصال بالشكل الذى يحفظ لنا مكانتنا ويحافظ على هويتنا وفى الوقت ذاته يعكس تطورنا ونهضتنا فليس من المحتم لكى أواكب التطورات أن أتخلى عن القيم والثوابت والعادات ولكن دائما ماتكون هناك مساحات نستطيع التحرك فيها دون المساس بالثوابت والمسلمات ولن يتأتى ذلك بالإبتعاد والإنزواء ولكن بتأسيس أسرة تعلم وتربى وتثقف وليس بالتحكم والمنع بل بالمتابعة والتقويم لأنه لم يعد من الصالح التسلط وإدارة شؤون الأبناء بدلا منهم ولكن بالتوجيه والتقويم عند الشعور بالإنزلاق عن الطريق القويم وبهذا يمكننا التمسك بثوابتنا والحفاظ على هويتنا والحياة بحرية وإستقلالية ولكن دون أن تتحول إلى فوضى وعشوائية .