لا شك أن كل إنسان يملك إنصافا ويقول الحق لا يمكنه إنكار دور الإسلاميين فى مصر وخاصة جماعة الإخوان المسلمين ومدى المعاناة والإضطهاد الذى عانوا منه منذ عقود طويله ولا زالوا يعانون برغم سقوط النظام والإتجاه نحو تأسيس نظام جديد وكان لهم فى سبيل ذلك تضحيات كبيرة ودفعوا أثمانا غالية من حريتهم وحياتهم فى سبيل التصدى لأنظمة حكم متعاقبة منذ ثورة يوليو بل وما قبلها سواء إتفقنا معهم أو إختلفنا فهذه حقائق تاريخية لا تقبل الجدل إلا من متعصب أو حاقد ولا يمكن أن ننكر الدور المحورى الذى لعبه الإسلاميون فى ثورة يناير وعلى رأسهم أيضا الإخوان المسلمون وما لهم من قدرة على الحشد والتنظيم بل والتصدى والمواجهة والمتابع للأحداث السياسية على الساحة وخاصة منذ قيام ثورة يناير يجد أن الإخوان عندما شاركوا فى الثورة لم يحاولوا الإستئثار بها أو الإستحواذ عليها بل لم يرفعوا شعارا خاصا بهم أو مطالب تعنيهم طوال فترة الثورة بل عملوا على ترسيخ المصلحة العليا للبلاد وسارعوا بالإعلان عن عدم سعيهم للحصول على أغلبية برلمانية ثم أتبعوا ذلك بإعلانهم عن عدم ترشيحهم لأحد على منصب الرئيس ولم تكن هذه القرارات مجرد صدفة أو عشوائية بل هى قرارات حاسمة فى لحظات حاسمة كما بادروا بعد نجاح الثورة بطرح مبادرتهم والتى تعمل على جمع الشمل المصرى وتوحيد كافة القوى السياسية فى تحالف وطنى يضم كافة الأطياف والأحزاب السياسية فى رسالة مفادها أنهم لا يطمعون فى الإستحواذ على الحكم بمفردهم أو أنهم يسعون إلى تهميش باقى القوى السياسية مع أنهم فى واقع الأمر يستطيعون الفوز بالأغلبية بل يستطيعون مع باقى القوى الإسلامية أن يشكلوا برلمان دون الحاجة لباقى الأحزاب والقوى السياسية ومع ذلك لم يسلم الإخوان والتيارات الإسلامية من محاولة الكثيرين فى التشكيك فى نواياهم فتارة يتهمونهم بعقد الصفقات مع المجالس العسكرى وتارة يتهمونهم بالإستعلاء على باقى القوى السياسية وعلى النقيض تجد نفس هؤلاء يقولون فى أحاديث أخرى أن الإخوان ليسوا أغلبية ولا يمثلون الشعب ومنذ قيام الثورة ونحن نعيش هذا الجدل وبين هذا وذاك لا يستفيد أحد ولن تستفيد تلك القوى ويبقى المواطن هو صاحب الحق فى التمييز بين الحق والباطل ولا زلنا نعيش هذا الجدل العقيم ما بين حملات التشويه والتشكيك وبين محاولة الإسلاميين الدفاع عن أنفسهم ونفى الإتهامات التى توجه إليهم وهنا نلفت الإنتباه إلى أن الإخوان والإسلاميين يصنعون ذلك لعلمهم بمدى تخوف القوى السياسية والغرب وعلى رأسه أمريكا من وصول الإسلاميين إلى الحكم والسيطرة على السلطة ولذلك دأب الإخوان على إستمرار الإعلان عن عدم نيتهم الإستحواذ على الأغلبية البرلمانية وتخليهم عن الترشح لمنصب الرئيس وهذه كلها رسائل تطمين للداخل والخارج الذى لا يقبل الديمقراطية إلا بشروطه هو ومن هنا نجد أن الإسلاميين يعيشون بين فكى رحى ما بين محاولة إرضاء القوى السياسية فى الداخل والقوى الخارجية الذى تخشى من سيطرتهم على الحكم وبين هذا وذاك يعيش الإسلاميون حياة تبرير ودفاع وتفسير فإذا تعاونوا مع المجلس العسكرى للوصول إلى وضع مستقر والإنتقال اليسير بالمرحلة الإنتقالية إتهموهم بعقد الصففقات وإذا رفضوا قرارات المجلس إتهموهم بالإنقلاب على السلطة وهكذا لا يريد خصومهم تركهم يتنافسون كباقى القوى السياسية وهذا ما يثير الدهشة والعجب فما بين تصريحات بالتخوف من إستحواذهم على السلطة وبين تصريحات بأنهم لا يمثلون الشعب وهكذا تعيش تلك القوى الهامشية حالة تناقض مريضة وبالرغم من كونهم لا يمثلون قوة وليس لهم وجود على الأرض إلا أنهم يستغلون رغبة الإسلاميين وحرصهم على تسيير الأمور كما يستغلون خشية الغرب من الإسلاميين فيملأون الدنيا ضجيجا بل لا يتركون متنفسا لأصحاب التواجد الفعلى ويعيش الإسلاميون حالة نضال بين التوافق مع القوى السياسية الداخلية وتطمين القوى الغربية ليس خوفا منهم ولكن لحرصهم على الوطن وعدم إعطاء الفرصة لأحد لمحاولة التدخل أو صنع العداء وهذا بالطبع يحسب فى ميزان القوى الإسلامية ويزيد من رصيدها لدى الشارع وينتقص من رصيد تلك القوى المهمشة التى لا تملك سوى الكلمات وياليتها كالكلمات وبدلا من محاولة تلك القوى المهمشة كسب المزيد من الجماهير بدلا من الجلوس فى الإستديوهات المكيفة وأمام الكاميرات الموجهة والتى جعلتهم كل يوم يخسرون من رصيدهم ويرفعون من رصيد خصومهم فياليتهم يعقلون وياليتهم بنا وبالوطن يترفقون.
5/11/2011
2/11/2011
مبادىء دستورية أم أطماع عسكرية؟
قامت ثورتنا لإسقاط النظام بسبب فساده وإستبداده وضحى كل منا بما يملك كل حسب إمكاناته وقدراته وضحينا بأرواح شبابنا الأبرار ودماء أبنائنا الأخيار وصار النصر لنا وسقط النظام ولا يمكنا إنكار الموقف العظيم الذى إتخذه الجيش بإنحيازه للثورة بوصفه جيش مصر الوطنى وليس جيشا يخدم فى دهاليز النظام ومرت الأيام وبدأ الجدل بين القوى السياسية حول شكل الدولة فى العهد الجديد ما بين إستقطابات مختلفة وتوجهات متباينة وشد وجذب بين مختلف التيارات عن شكل وهوية الدولة وهل ستكون مدنية أم حسب إدعاء البعض دينية بالرغم من تأكيد الجميع على مدنيتها وبمرور الأيام وتوالى الأحداث بدا جليا أن هناك جهات أرادت توجيه الجهود نحو هذا الجدل وتلك الحوارات واستنفذنا الكثير من الوقت والجهد وظلت الأوضاع كما هى ما بين إنفلات أمنى لا ندرى من وراءه وبين ركود إقتصادى وبين إضرابات وإعتصامات ووقفات مستمرة دونما تحقيق تقدم ملموس ومنذ أن أمسك الجيش متمثلا فى المجلس العسكرى بزمام السلطة فلم نجد رؤية واضحة أو سياسة محددة بل مجرد تخبطات ولم نتحرك إلى الأمام ولو قليلا ولإنهاء هذا الجدل المزعوم تم إجراء الإستفتاء ليكون بمثابة خريطة طريق يسير على دروبها الجميع فى هذه المرحلة الإنتقالية لرسم كيان جديد للدولة يقوم على مؤسسات وهيئات تشرع وتحكم وجاءت نتائج الإستفتاء بالموافقة على الخريطة التى وضعها الإستفتاء ومع أنه لا توجد قوة أعلى من قوة الإستفتاء فهى سلطة الشعب التى لا تعلو فوقها سلطة وبمرور الوقت بدا أن الإستفتاء نفسه كان جزءا من حزمة ألاعيب يعمل عليها المجلس العسكرى فإذا بنا ندخل فى دوامة جديدة ما بين قوى سياسية تنادى بضرورة وضع الدستور أولا وقوى تنادى بالإنتخابات أولا مع أن الإستفتاء قد حسم القضية وظهور قوى أخرى تطالب بتشكيل مجلس رئاسى وتعقد جلسات وتقام ندوات ومؤتمرات وحوارات لمناقشة السياسات ولم تسفرأى منها عن نتيجة تخدم أى طرف ولم يكن الهدف منها سوى إستهلاك مزيدا من الوقت ربما من أجل إمتصاص حماس الشارع وتفتيت القوى السياسية حتى يتمكن المجلس العسكرى من بلورة الوضع الذى يريد أن تكون عليه المرحلة القادمة ثم تم الاعلان عن فتح باب الترشح وسارع الجميع بتقديم ما لديه وإنتهت الأحزاب والقوى السياسية من تشكيل قوائمها وأصبحنا على مشارف الانتخابات فإذا بالمجلس العسكرى يطلع علينا ثانية بمبادىء دستورية جديدة وكأننا لم نصنع شيئا من قبل وكأننا ندور فى دائرة مفرغة بل لا توجد دائرة ندور فيها وكأننا لم نجنى سوى إهدار الوقت والجهد بل وإهدار الكثير من الموارد وإذا كان المجلس يريد وضع دستور قبل تشكيل البرلمان فلماذا كانت كل تلك الإجتماعات والحوارات أم أن المجلس كان يمتص الحماس ويمنح نفسه الوقت للسيطرة على الثورة وإحتوائها ثم يأتى ويفاجىء الجميع بوضع دستور قبل إجراء الانتخابات وإذا كان المجلس هو من سيضع الدستور فماذا ستكون وظيفة البرلمان الذى إختاره الشعب بإرادته الكامله ليكون معبرا عن آماله وتطلعاته فهل يريد المجلس العودة بنا إلى المربع السالب وليس المربع صفر والذى من شأنه أن يدخلنا جميعا فى صراعات جديدة قد لا تنتهى وهكذا نظل ندور فى نفس المكان بل ربما نرجع إلى الوراء بعيدا وهل يريد المجلس أن يظل فى السلطة أو أن يجعل من نفسه دولة مستقلة لا سلطان لأحد عليها وليس مجرد مؤسسة لها حقوق وعليها واجبات وأن تظل البلاد هكذا بلا مؤسسات أو هيئات وهل كان المجلس يساير الاوضاع حتى يحكم قبضته على البلاد لو أن الأمر هكذا فإن المجلس يكون قد إرتكب خطيئة وليس خطئا لأنه ما من أحد سوف يقبل أن يفرض علينا دستورا أو أن تتحكم فينا مجموعة من الاشخاص ويبدو أن هؤلاء جميعا تناسوا أن الثورة لا زالت قائمة بل ويمكنها البدء من جديد وهذه المرة لن تتوقف بل ربما لا تنتهى حتى تضع أوزارها ولن يستفيد أحدا من الشعب أو الجيش لأننا لم نقم بثورتنا حتى يأتى الجيش ويجنى ثمارها وما قمنا بالثورة للقضاء على الحكم العسكرى ليبدأ العسكر حقبة حكم جديدة بل قمنا بثورتنا لننال حريتنا ونملك قرارنا ونؤسس دولتنا المدنية التى تضمن لنا الحرية والديمقراطية وعلى المجلس العسكرى أن يعلم ذلك جيدا لأن ما يحدث هو من قبيل اللعب بالنار بل واللعب بالشعب ولن يقبل الشعب أن يتلاعب به أحد بعدما دفع من حياته ودمه ثمنا لهذه الثورة ويجب أن ينتبه المجلس أن الأجواء ربما تبدو فى ظاهرها هادئه ولكن لا يدرى أن النار تحت الهشيم وتنتظر الغليان فالشعب يتطلع إلى بناء دولته وتشكيل مؤسساته ولن يقبل أن يلتف على إرادته أحد مهما كلفه الأمر فيا أيها المجلس إستمع إلى صوت العقل والحكمة وصوت الشعب وإهتدوا حتى لا يضيع ما صنعناه بل ويضيع أضعافه أضعافا وحتى لا نحرق أنفسنا بأيدينا فالنار لن تترك أحد بل ستلتهم الأخضر واليابس والوطن لا يحتمل ثورات جديدة تبدأ من جديد فرفقا بالشعب ورفقا بالوطن.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)