5‏/11‏/2011

الإسلاميون بين إبتزاز الداخل وضغوط الخارج

لا شك أن كل إنسان يملك إنصافا ويقول الحق لا يمكنه إنكار دور الإسلاميين فى مصر وخاصة جماعة الإخوان المسلمين ومدى المعاناة والإضطهاد الذى عانوا منه منذ عقود طويله ولا زالوا يعانون برغم سقوط النظام والإتجاه نحو تأسيس نظام جديد وكان لهم فى سبيل ذلك تضحيات كبيرة ودفعوا أثمانا غالية من حريتهم وحياتهم فى سبيل التصدى لأنظمة حكم متعاقبة منذ ثورة يوليو بل وما قبلها سواء إتفقنا معهم أو إختلفنا فهذه حقائق تاريخية لا تقبل الجدل إلا من متعصب أو حاقد ولا يمكن أن ننكر الدور المحورى الذى لعبه الإسلاميون فى ثورة يناير وعلى رأسهم أيضا الإخوان المسلمون وما لهم من قدرة على الحشد والتنظيم بل والتصدى والمواجهة والمتابع للأحداث السياسية على الساحة وخاصة منذ قيام ثورة يناير يجد أن الإخوان عندما شاركوا فى الثورة لم يحاولوا الإستئثار بها أو الإستحواذ عليها بل لم يرفعوا شعارا خاصا بهم أو مطالب تعنيهم طوال فترة الثورة بل عملوا على ترسيخ المصلحة العليا للبلاد وسارعوا بالإعلان عن عدم سعيهم للحصول على أغلبية برلمانية ثم أتبعوا ذلك بإعلانهم عن عدم ترشيحهم لأحد على منصب الرئيس ولم تكن هذه القرارات مجرد صدفة أو عشوائية بل هى قرارات حاسمة فى لحظات حاسمة كما بادروا بعد نجاح الثورة بطرح مبادرتهم والتى تعمل على جمع الشمل المصرى وتوحيد كافة القوى السياسية فى تحالف وطنى يضم كافة الأطياف والأحزاب السياسية فى رسالة مفادها أنهم لا يطمعون فى الإستحواذ على الحكم بمفردهم أو أنهم يسعون إلى تهميش باقى القوى السياسية مع أنهم فى واقع الأمر يستطيعون الفوز بالأغلبية بل يستطيعون مع باقى القوى الإسلامية أن يشكلوا برلمان دون الحاجة لباقى الأحزاب والقوى السياسية ومع ذلك لم يسلم الإخوان والتيارات الإسلامية من محاولة الكثيرين فى التشكيك فى نواياهم فتارة يتهمونهم بعقد الصفقات مع المجالس العسكرى وتارة يتهمونهم بالإستعلاء على باقى القوى السياسية وعلى النقيض تجد نفس هؤلاء يقولون فى أحاديث أخرى أن الإخوان ليسوا أغلبية ولا يمثلون الشعب ومنذ قيام الثورة ونحن نعيش هذا الجدل وبين هذا وذاك لا يستفيد أحد ولن تستفيد تلك القوى ويبقى المواطن هو صاحب الحق فى التمييز بين الحق والباطل ولا زلنا نعيش هذا الجدل العقيم ما بين حملات التشويه والتشكيك وبين محاولة الإسلاميين الدفاع عن أنفسهم ونفى الإتهامات التى توجه إليهم وهنا نلفت الإنتباه إلى أن الإخوان والإسلاميين يصنعون ذلك لعلمهم بمدى تخوف القوى السياسية والغرب وعلى رأسه أمريكا من وصول الإسلاميين إلى الحكم والسيطرة على السلطة ولذلك دأب الإخوان على إستمرار الإعلان عن عدم نيتهم الإستحواذ على الأغلبية البرلمانية وتخليهم عن الترشح لمنصب الرئيس وهذه كلها رسائل تطمين للداخل والخارج الذى لا يقبل الديمقراطية إلا بشروطه هو ومن هنا نجد أن الإسلاميين يعيشون بين فكى رحى ما بين محاولة إرضاء القوى السياسية فى الداخل والقوى الخارجية الذى تخشى من سيطرتهم على الحكم وبين هذا وذاك يعيش الإسلاميون حياة تبرير ودفاع وتفسير فإذا تعاونوا مع المجلس العسكرى للوصول إلى وضع مستقر والإنتقال اليسير بالمرحلة الإنتقالية إتهموهم بعقد الصففقات وإذا رفضوا قرارات المجلس إتهموهم بالإنقلاب على السلطة وهكذا لا يريد خصومهم تركهم يتنافسون كباقى القوى السياسية وهذا ما يثير الدهشة والعجب فما بين تصريحات بالتخوف من إستحواذهم على السلطة وبين تصريحات بأنهم لا يمثلون الشعب وهكذا تعيش تلك القوى الهامشية حالة تناقض مريضة وبالرغم من كونهم لا يمثلون قوة وليس لهم وجود على الأرض إلا أنهم يستغلون رغبة الإسلاميين وحرصهم على تسيير الأمور كما يستغلون خشية الغرب من الإسلاميين فيملأون الدنيا ضجيجا بل لا يتركون متنفسا لأصحاب التواجد الفعلى ويعيش الإسلاميون حالة نضال بين التوافق مع القوى السياسية الداخلية وتطمين القوى الغربية ليس خوفا منهم ولكن لحرصهم على الوطن وعدم إعطاء الفرصة لأحد لمحاولة التدخل أو صنع العداء وهذا بالطبع يحسب فى ميزان القوى الإسلامية ويزيد من رصيدها لدى الشارع وينتقص من رصيد تلك القوى المهمشة التى لا تملك سوى الكلمات وياليتها كالكلمات وبدلا من محاولة تلك القوى المهمشة كسب المزيد من الجماهير بدلا من الجلوس فى الإستديوهات المكيفة وأمام الكاميرات الموجهة والتى جعلتهم كل يوم يخسرون من رصيدهم ويرفعون من رصيد خصومهم فياليتهم يعقلون وياليتهم بنا وبالوطن يترفقون.

ليست هناك تعليقات: