2‏/11‏/2011

مبادىء دستورية أم أطماع عسكرية؟

قامت ثورتنا لإسقاط النظام بسبب فساده وإستبداده وضحى كل منا بما يملك كل حسب إمكاناته وقدراته وضحينا بأرواح شبابنا الأبرار ودماء أبنائنا الأخيار وصار النصر لنا وسقط النظام ولا يمكنا إنكار الموقف العظيم الذى إتخذه الجيش بإنحيازه للثورة بوصفه جيش مصر الوطنى وليس جيشا يخدم فى دهاليز النظام ومرت الأيام وبدأ الجدل بين القوى السياسية حول شكل الدولة فى العهد الجديد ما بين إستقطابات مختلفة وتوجهات متباينة وشد وجذب بين مختلف التيارات عن شكل وهوية الدولة وهل ستكون مدنية أم حسب إدعاء البعض دينية بالرغم من تأكيد الجميع على مدنيتها وبمرور الأيام وتوالى الأحداث بدا جليا أن هناك جهات أرادت توجيه الجهود نحو هذا الجدل وتلك الحوارات واستنفذنا الكثير من الوقت والجهد وظلت الأوضاع كما هى ما بين إنفلات أمنى لا ندرى من وراءه وبين ركود إقتصادى وبين إضرابات وإعتصامات ووقفات مستمرة دونما تحقيق تقدم ملموس ومنذ أن أمسك الجيش متمثلا فى المجلس العسكرى بزمام السلطة فلم نجد رؤية واضحة أو سياسة محددة بل مجرد تخبطات ولم نتحرك إلى الأمام ولو قليلا ولإنهاء هذا الجدل المزعوم تم إجراء الإستفتاء ليكون بمثابة خريطة طريق يسير على دروبها الجميع فى هذه المرحلة الإنتقالية لرسم كيان جديد للدولة يقوم على مؤسسات وهيئات تشرع وتحكم وجاءت نتائج الإستفتاء بالموافقة على الخريطة التى وضعها الإستفتاء ومع أنه لا توجد قوة أعلى من قوة الإستفتاء فهى سلطة الشعب التى لا تعلو فوقها سلطة وبمرور الوقت بدا أن الإستفتاء نفسه كان جزءا من حزمة ألاعيب يعمل عليها المجلس العسكرى فإذا بنا ندخل فى دوامة جديدة ما بين قوى سياسية تنادى بضرورة وضع الدستور أولا وقوى تنادى بالإنتخابات أولا مع أن الإستفتاء قد حسم القضية وظهور قوى أخرى تطالب بتشكيل مجلس رئاسى وتعقد جلسات وتقام ندوات ومؤتمرات وحوارات لمناقشة السياسات ولم تسفرأى منها عن نتيجة تخدم أى طرف ولم يكن الهدف منها سوى إستهلاك مزيدا من الوقت ربما من أجل إمتصاص حماس الشارع وتفتيت القوى السياسية حتى يتمكن المجلس العسكرى من بلورة الوضع الذى يريد أن تكون عليه المرحلة القادمة ثم تم الاعلان عن فتح باب الترشح وسارع الجميع بتقديم ما لديه وإنتهت الأحزاب والقوى السياسية من تشكيل قوائمها وأصبحنا على مشارف الانتخابات فإذا بالمجلس العسكرى يطلع علينا ثانية بمبادىء دستورية جديدة وكأننا لم نصنع شيئا من قبل وكأننا ندور فى دائرة مفرغة بل لا توجد دائرة ندور فيها وكأننا لم نجنى سوى إهدار الوقت والجهد بل وإهدار الكثير من الموارد وإذا كان المجلس يريد وضع دستور قبل تشكيل البرلمان فلماذا كانت كل تلك الإجتماعات والحوارات أم أن المجلس كان يمتص الحماس ويمنح نفسه الوقت للسيطرة على الثورة وإحتوائها ثم يأتى ويفاجىء الجميع بوضع دستور قبل إجراء الانتخابات وإذا كان المجلس هو من سيضع الدستور فماذا ستكون وظيفة البرلمان الذى إختاره الشعب بإرادته الكامله ليكون معبرا عن آماله وتطلعاته فهل يريد المجلس العودة بنا إلى المربع السالب وليس المربع صفر والذى من شأنه أن يدخلنا جميعا فى صراعات جديدة قد لا تنتهى وهكذا نظل ندور فى نفس المكان بل ربما نرجع إلى الوراء بعيدا وهل يريد المجلس أن يظل فى السلطة أو أن يجعل من نفسه دولة مستقلة لا سلطان لأحد عليها وليس مجرد مؤسسة لها حقوق وعليها واجبات وأن تظل البلاد هكذا بلا مؤسسات أو هيئات وهل كان المجلس يساير الاوضاع حتى يحكم قبضته على البلاد لو أن الأمر هكذا فإن المجلس يكون قد إرتكب خطيئة وليس خطئا لأنه ما من أحد سوف يقبل أن يفرض علينا دستورا أو أن تتحكم فينا مجموعة من الاشخاص ويبدو أن هؤلاء جميعا تناسوا أن الثورة لا زالت قائمة بل ويمكنها البدء من جديد وهذه المرة لن تتوقف بل ربما لا تنتهى حتى تضع أوزارها ولن يستفيد أحدا من الشعب أو الجيش لأننا لم نقم بثورتنا حتى يأتى الجيش ويجنى ثمارها وما قمنا بالثورة للقضاء على الحكم العسكرى ليبدأ العسكر حقبة حكم جديدة بل قمنا بثورتنا لننال حريتنا ونملك قرارنا ونؤسس دولتنا المدنية التى تضمن لنا الحرية والديمقراطية وعلى المجلس العسكرى أن يعلم ذلك جيدا لأن ما يحدث هو من قبيل اللعب بالنار بل واللعب بالشعب ولن يقبل الشعب أن يتلاعب به أحد بعدما دفع من حياته ودمه ثمنا لهذه الثورة ويجب أن ينتبه المجلس أن الأجواء ربما تبدو فى ظاهرها هادئه ولكن لا يدرى أن النار تحت الهشيم وتنتظر الغليان فالشعب يتطلع إلى بناء دولته وتشكيل مؤسساته ولن يقبل أن يلتف على إرادته أحد مهما كلفه الأمر فيا أيها المجلس إستمع إلى صوت العقل والحكمة وصوت الشعب وإهتدوا حتى لا يضيع ما صنعناه بل ويضيع أضعافه أضعافا وحتى لا نحرق أنفسنا بأيدينا فالنار لن تترك أحد بل ستلتهم الأخضر واليابس والوطن لا يحتمل ثورات جديدة تبدأ من جديد فرفقا بالشعب ورفقا بالوطن.








ليست هناك تعليقات: