لاشك أن وجود أحزاب داخل كل مجتمع وتنوعها من حيث الأيدلوجية والمبادىء والتوجهات من شأنه إثراء الحياة السياسية بما تحمله تلك الأحزاب من أفكار ورؤى تختلف فيما بينها ولكنه إختلاف القرناء بما يثرى الحياة السياسية وينعكس بالتالى على الأداء السياسى العام داخل المجتمع ويسمح بصعود قوى سياسية وظهورأسماء تقدم رؤية واضحة وخطوات مدروسة من أجل نهضة وتقدم مجتمعاتها ولا شك أن وجود مثل هذه الأحزاب هو السبيل لتحقيق كل هذا ونخص هنا أحزاب المعارضة التى تقوم بدورالمراقب على أداء الحكومات ومتابعة سير الخطط وتقييم السياسات بما يضمن للمجتمع حسن الأداء ووضوح السياسات ولكننا فى مصر وعلى مدار ما يزيد عن نصف قرن ومنذ ثورة يوليو لم نجد دورا ملموسا لأحزاب تدعى أنها من كبريات الأحزاب ومن أقدمها وعلى سبيل المثال حزب الوفد والذى يعد أقدم الأحزاب المصرية بل حكم مصر فى فترة من الفترات ومع ذلك لا نجد له دورا ملموسا سوى الاسم والمقر أما على الساحة السياسية فلم نجد له يوما أغلبية برلمانية أو نشاطا سياسيا أو حتى فعاليات يلفت بها إنتباهنا ولكن وجدناه هزيلا ضعيفا بل ربما يفقد كل يوم من رصيده ولا يضيف إليه بل لا يحافظ عليه وهاهو حزب التجمع الوحدوى الذى يتغنى بالإشتراكية وأيا كان رأينا فيها فهذا ليس موضوع مقالنا ولكن على مستوى السياسات فلم نرى له أى تأثير سوى أنه تخلى عن كل مبادئه ومناهجه وبدا على إستعداد للتحالف مع الشياطين ليس من أجل وضع خطة تنموية أو وضع خطة موضوعية أو رسم خطى واضحة أو تنفيذ سياسات ناجحة أو مواجهة فساد أو محاربة مفسدين بل ليس من أجل مراقبة حكومة ومتابعة سياساتها ولكنه تحالف مع الجميع ليس إلا لمواجهة الإسلاميين وكأن الإسلاميين هم من يحكمون البلاد وهذا ليس سلوك حزب التجمع بعد الثورة فحسب بل وعلى مدار تاريخه الذى لم يقدم فيه شيئا سوى نموذجا صارخا للديكتاتورية متمثلة فى إحتكار رئيسه لهذا المنصب فلم نعرف عن الحزب شيئا سواء برنامجا أو سياسة ولكن كل ما نعرفه عنه هو اسم رئيس الحزب وكأن الحزب ولد عجوزا عقيما فلا يمكنه إنجاب أحدا غير رئيس الحزب الذى لم نسمع له يوما رأيا موضوعيا أو رؤية واضحة بل ما سمعناه منه هجوما متواصلا على الإسلاميين متمثلين فى الإخوان وكأنه ما جاء ليبنى بلاد أو يصلح أحوال وإنما جاء ليهاجم الإخوان وكأن دوره فقط هو الهجوم وياليته يهاجم الحزب الحاكم أو النظام القائم وإنما يهاجم من لا يحكمون وليس بيدهم زمام الأمور ولهذا لم نجد له وجودا فى الشارع أو بين الناس وهناك الأحزاب الليبرالية الحديثة ومنها حزب الجبهة والذى يترأسه أسامه الغزالى والذى بدا أنه مجرد رئيس رمزى أو مجرد واجهة للحزب لكنه لا يملك أى أدوات كرئيس حزب فلا يستطيع إتخاذ قرارات أو تنفيذ خطوات لأن الحزب فى الأصل ملك رجل الأعمال ساويرس والذى لم يعمل يوما فى السياسة والذى يرأس الآن حزب المصرييين الأحرارالذى أسسه بعد الثورة بالإضافة إلى الأحزاب المستنسخة من حزب المصريين الأحرار وجميعها إما ملك ساويرس أو يمولها من خلف الستار وهذه الأحزاب الليبرالية ما هى إلا نسخة مكررة من حزب واحد يملكها واحد ويمولها واحد فى محاولة فاشلة لتضليل الرأى العام وتفتيت الأصوات ليس من أجل إثراء الحياة السياسية أو تقديم إضافة لها أو تقديم المزيد من الرؤى أو الخطط التى تخدم الوطن ولكن نشأت هذه الأحزاب الليبرالية لغرض واحد وهو مواجهة التيارات الإسلامية ليس على أساس منافسة سياسية ولكن لأن أصحاب الأحزاب الليبرالية لا يريدون دولة ذات مرجعية إسلامية أو حتى مجرد توجه إسلامى وعلى هذا جاءت تلك الأحزاب الليبرالية لإجهاض أى مشروع إسلامى وليس لتقديم نماذج سياسية متنوعة أو وضع خطط واضحة تأخذ بالبلاد نحو التطور والتقدم وبالرغم من قولهم الدائم بأن المصريين متدينون بطبيعتهم إلا أنهم لا يستطيعون تقديم الأفكار التى تجذب هؤلاء المصريين لأحزابهم وبدلا من تقديم نماذج حزبية يلتف حولها الشعب وبدلا من تقديم برامج يجتمع حولها الغالبية وبدلا من تقديم بديل لأحزاب قائمة وجدنا هذه الأحزاب لا تلعب دورا هامشيا بل لا تلعب أى أدوار لأنها ما جاءت لتقدم جديد بل بدا واضحا أنها قامت لتشويه صورة أحزاب أو جماعات دينية فغفلت عن تقديم سياسة مقنعة أو رؤية واضحة ولهذا لم يقتنع بها المواطن وإلتفت عنها لأن الشعب أصبح واعيا ومدركا لكل ما يدور ويمكنه التمييز بين هذا وذاك ولذلك لم تستطع تلك الأحزاب سواء الليبرالية أو اليسارية أن تكسب رأيا أو تجذب جمهورا وعليها جميعا مراجعة مناهجها وإعادة النظر فى سياساتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق