24‏/8‏/2011

مابين عهد مضى وعهد قادم





إن ما حدث من إعتداءات إسرائيلية على جنود الجيش المصرى على الحدود ربما يتعدى حدود الحرب البارده إلى محاولة جس نبض القيادة المصرية بعد الثورة وربما التعرف عن قرب على رد فعل الشارع المصرى ولو إعتبرنا ما حدث كان بمثابة بالون إختبار لشكل العلاقة التى من المحتمل أن تربط البلدين فيما بعد عصر مبارك لأن ماحدث ليس بالجديد فقد كان يحدث ويتكرر مرارا أثناء الحكم البائد وربما تكون محاولة من الجانب الإسرائيلى فى الدفع بطريق عدم الإستقرار داخل مصر وعرقلة عملية التحول الديمقراطى وإعطاء نفسها الفرصة للبحث عن نظام جديد يلبى طلباتها أو على الأقل يضمن لها الأمن والسلام فى المنطقة ولذا لا نستبعد وقوف إسرائيل وراء ما يحدث داخل مصر من فوضى ودعوة لعدم الهدوء وتحديدا ما يحدث فى سيناء بل ربما تقوم بتدعيم وتمويل جماعات حتى تتلكأ بعدم قدرة مصر على حماية الحدود وبعدها تطالب بحماية دولية أو ربما تفكر فى حماية الحدود المصرية هى بنفسها أو السعى لإقامة منطقة عازلة تفصل بينها وبين مصر بالرغم من وجود تلك المنطقة بالفعل لأن وجود الأمن المصرى هناك لا يمثل سوى مسألة رمزية ولكنها غير ذات نفع وهنا لابد أن يكون حاضرا فى ذهن النظام المصرى مدى تعقيد وتشابك العلاقة بين البلدين والتى تحتاج إلى حسابات دقيقة بما يعطى لمصر القدرة على حماية حدودها وبسط سيادتها على كامل أراضيها وإظهار القوة المطلوبة خاصة بعد الثورة لأن هناك رأى عام داخلى يضغط بدوره على النظام ولهذا فهناك حسابات دقيقة لابد أن يتم إجراؤها بما يعكس هذا العهد الجديد وبما لا يجر البلاد فى مواجهة نحن لسنا فى حاجة إليها ولكن فى الوقت نفسه يريد الشعب أن يشعر بأن ثورته إنتقلت به من عهد كان يشعر فيه بالضعف والمهانة من النظام البائد إلى عهد يرى فيه سياسات حكومته التى تعكس العزة والكرامة وعلى المجلس العسكرى أن يتخذ موقفا حاسما وحازما يجمع بين القوة والحكمة وهذا ما يتمناه الشعب ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه حيث لاحظنا تأخر الرد المصرى على الحادثة ولم نسمع أى مسئول يدلى بأية تصريحات وترك المجلس والحكومة الشعب يخمن ويبحث عما يدور داخل الأروقة حتى طلع علينا بيان مجلس الوزراء الذى إختلف نوعيا عما كان يصدر فى العهد البائد ولكن لا يلبى طموحات الشعب فكان أقصى ما فيه طلب إعتذار من الجانب الإسرائيلى وهذا لا يرقى إلى حجم الإعتداء الذى وقع ثم أعقب هذا البيان ملحقا حمل فيه سقفا أعلى فى المطالب وهو سحب السفير المصرى من تل أبيب وما لبث الشعب يفرح بهذه الخطوة حتى يخرج علينا المجلس فينفى سحب السفير بحجة أن البيان صدر بطريق الخطأ وهنا كانت سقطة أكبر من السقطة الأولى ثم خرج علينا المجلس العسكرى ببيان باهت اللون عديم الرائحة لا يحتوى على شىء وإنعكس ذلك كله على المزاج العام لدى الشعب الذى بدا محبطا فلم يشعر بتغيير فى السياسات عما عهده فى ظل الحكم البائد وهنا نتوقف قليلا ونسأل المجلس العسكرى بصفته القائم بحكم البلاد إننا لم نطالب المجلس بإعلان الحرب على إسرائيل ولكن كان أملنا أن نستفيد من هذا الموقف لتحقيق مكاسب لطالما تمنيناها فكان يمكن للمجلس أن يرفع سقف طلباته فيطالب بإلغاء إتفاقية كامب ديفيد ويجلس الطرفان فى محاولة للتهدئة حتى نصل إلى بعض المكاسب فنتنازل عن هذا المطلب ونطلب تعديل بعض بنودها ونهدد بإلغاء إتفاقية الغاز حتى نقوم بتعديل أسعاره كانت هذه الواقعة تمثل فرصة ذهبية لمصر لتحقيق مكاسب هائلة ولكننا نسينا أن المجلس العسكرى ربما يمكنه أن يحكم ولكن لا يمكنه أن يدير على عكس ما يقول لأنه ببساطه ربما لم يتعلم يوما كيف يدير تفاوضا وكيف يحقق مكاسبا ويبقى فى النهاية أننا لم نحقق شيئا من هذه الواقعة فلم يصدر حتى مجرد إعتذار وكل ما تحقق أننا خسرنا شهداءنا وأن دماءهم ذهبت هباءا ونخشى أن تذهب ثورتنا هباء وهذا من المحال طالما بقى بيننا الرجال والأبطال إننا لا نطالب المجلس بالمواجهة مع العدو ولا ندعوا الشعب إلى التصادم مع المجلس العسكرى بالرغم من تحفظاتنا على بعض سياساته ولا نحاول إفتعال أزمة ولكن هى محاولة لتقييم أداء المجلس سياسيا وتقويمه حتى لا تتكرر الأخطاء وحتى لا تستباح الدماء وتنتهك الكرامات لأن الشعب ربما يمكنه الصبر ولكن أبدا لا يمكنه الصفح والعفو خاصة إذا كان المخطىء عدوا لدودا وسيظل هكذا أبدا ما حيينا فرجاء أن تعقلوا الأمر وأن تحفظوا لنا هيبتنا وكرامتنا وإلا فالعواقب وخيمة .








ليست هناك تعليقات: