12‏/4‏/2011

هل نعيد صياغة التوريث؟

جميعنا يعلم أن من بدأ الثورة المصرية الخالدة وخطط لها وأدارها وأنجزها حتى أسقط رؤوس النظام هم الشباب الذين فعلوا الكثير بل فعلوا ما لم يفعله مفكروهم ومثقفوهم وما لم يفعله المشتغلين بما يسمى معارضة ومن يدعون أنهم نخبة هذا لو إفترضنا أن لدينا نخبة وهذا يثير جدلا حول نوعية هذه النخبة وحول مسارها وأدواتها وربما لسنا هنا فى مجال مناقشة قضية النخبة الوهمية ولكننا بصدد التعرف على مكانة وأدوار أصحاب الثورة والذين فجروها فما يحدث ويدور على الساحة يوحى بأننا لانزال نعيش عصر التوريث فى ثوبه الجديد والذى كان من الأسباب الرئيسية لقيام الثورة فإذا بنا ننتقل من مرحلة التوريث العائلى إلى مرحلة التوريث الثقافى والنخبوى والفئوى فلو نظرنا إلى ما يجرى نجد أننا ربما قضينا على توريث الحكم من الأب إلى الابن ولكن دخلنا فى مرحلة توريث لنفس اللاحكومات ونفس اللأحزاب بنفس أشخاصها ونفس وجوهها بل وبنفس العبارات ونفس الكلمات التى طالما سئمناها ويجب أن يكون أصحابها قد سئموها أو على الأقل يكونوا قد إكتشفوا أنها لاتؤتى ثمارها حيث جربوها وإستخدموها على مدار مايزيد عن نصف قرن وهو عمر الحكومات التى تعاقبت علينا منذ الإستقلال فتجدنا تخلصنا من نظام لننتقل إلى نفس النظام بأسماء مختلفة بل ربما بنفس الأسماء ولكن فى الحقيقة لازلنا أسرى عملية التوريث وبعد الثورة تتوارثنا مجموعة من الأفراد هم نفس الأفراد التى عهدناهم فلو تأملت قليلا بل ربما لاتكون فى حاجة إلى التأمل ستجد أننا نعيش نفس عملية التوريث فها هى نفس الوجوه التى ترأس الأحزاب ونفس الأسماء التى تتحدث فى وسائل الاعلام بل ويقولون نفس الكلمات وحتى أنها نفس وسائل الاعلام ونفس الوجوه ونفس البرامج وألتفت يمينا ويسارا فلا أجد مكانا لأى من الشباب وهم الأصحاب الأصليين للثورة وكأنه لا دور لهم سوى أن يكونوا وقودا للثورة ولا ينالون نصيبا من مكتسباتها وكأن هناك من يتربص بهؤلاء الشباب حتى ينتهوا من مهمتهم ليصعد هؤلاء إلى القمة ويقطفوا ثمار هذه الثورة دون أن يقدموا لها شيئا سوى الركوب عليها والتغنى بأشعارها وتقمص أدوارها فالجميع يدعى أنه ظل مرابطا بالميدان حتى التنحى ومن لم يكن مشاركا فكان ابنه يؤدى الواجب نيابة عن العائلة فهل هذا جزاء الشباب وهل سيظل هكذا مجرد مرحلة تقوم على أعناقهم التغييرات والتضحية بأرواحهم ليحرروا أوطانهم ويغيروا أوضاع لم يستطع المتربصون تغييرها ليأتوا فيحصدوا ثمار الثورة دون أن يزرعوا شجرة أو يغرسوا بذرة هل سيظل الشباب هكذا مهمشين ليتابعوا أحداث أمامهم فيجدون نفس الشخصيات ونفس الوزراء ونفس الحكومات والتى تتعدى أعمارهم سن الأجداد ويتخطى أغلبهم سن المعاشات فأى ثورة تلك التى صنعها الشباب وأى تغيير هذا الذى نتحدث عنه وأى تقدم هذا الذى نسعى إليه إذا كنا نعيش فى ظل نفس الأسماء ونفس الشخصيات ويقودنا من يشتغلون بالفكر والثقافة وهم من بقايا العصور الوسطى ويجهلون معنى التغيير لأنهم ما عرفوه سابقا ولايفقهون شيئا عن الحرية لأنهم لم يمارسوها ساعة ولايدرون شيئا عن العلم لأنهم لم يكتسبوه يوما فياترى هل سيبقى الشباب هكذا دون مشاركة فى صنع قرارات وهم من إتخذوا أصعب وأهم القرارات فى تاريخ مصر وهو قرار الثورة هل سيبقون دون أدوار وهم من قاموا بأخلد الأدوار هل سيسمح الشباب لأنفسهم بالعيش هكذا مجرد وقود لثورات ثم يصبحون مجرد مشاهدين وغير فاعلين ويتركون الأمر لمن لم يقدموا شيئا سوى الإدعاء بأنهم الأجدر بالحكم والأصلح للقيادة ولابد أن يدرك الشباب أنهم الأجدر على قيادة الآخرين وأن يكونوا الأحرص على نتاج ثورتهم بل أن يكون لهم النصيب الأكبر من نتاجها وأن يكونوا بين أعضاء الحكومات وبين النخبة والعلماء حتى لاتضيع جهودهم وتضحياتهم هباء وحتى لايصعد على أعناقهم البلهاء والخبثاء بدعوى أنهم الحكماء وحتى لانعود إلى إستنساخ عملية التوريث بصيغة جديدة وأدوات مختلفة وأظن أن هؤلاء الشباب أنضج من أن يتلاعب بهم هؤلاء .

ليست هناك تعليقات: