لاشك أننا ما قمنا بثورتنا إلا بسبب المعاناة التى عشناها ما بين قمع وفساد وما بين إنتهاك كرامة وإمتهان حرمات وما بين إستبداد حاكم وفساد سلطة وكانت تلك الأسباب كفيلة لقيام ثورتنا التى وهبنا الله نجاحها ولم يتبقى أمامنا سوى إجراءات حصد النجاح والتى لن تحدث بين يوم وليلة ويجب ألا يدفعنا التعجل إلى السير نحو الهدم بدلا من البناء وعلينا الحذر والحرص فى إتخاذ قرارات أو المضى نحو خطوات ربما تبدوا فى ظاهرها بناء وهى فى حقيقتها دعوات هدم ودمار وهنا يكمن الخطر وهنا يوجد محور الإختلاف بين فئات الشعب على إختلاف توجهاتها فجميعنا سعداء بالثورة ونجاحها وتوحدنا فى تحقيق هدفها الرئيسى وهو إسقاط النظام وقد سقط فعليا وإن لم يكن بكامل شخوصه ولكنه قد سقط ثم بدأ الإختلاف فى الرأى والرؤية حول كيفية معالجة الفترة ما بين إسقاط نظام وبناء آخرفهناك من يرى أن الثورة لم تنتهى بعد وعلينا إستكمالها وهناك من يرى أنها قد إنتهت ولم يتبقى سوى حصاد نتائجها التى قامت من أجلها والفارق بين الوجهتين كبير ومهما كان حجم الإختلاف فإن الجميع يتفق على ضرورة إستكمال خطواتها لتحقيق كافة أهدافها ويبقى أيضا الإختلاف حول طريقة المعالجة فنحن نريد ثورة وفى الوقت نفسه نريد الحفاظ على الوطن والفرق بين الرأيين يمكن تشبيهه بمن يريد إقتلاع القلب من الجسد حتى لا يعانى المريض من الألم وهو لم يدرك أنه حقا لن يعانى مجددا ولكنه سيفقد الحياة وهذا كمن يريد ثورة ونسف دولة ومن يريد ثورة ووطن كمن يريد إستئصال مصدر الألم من القلب دون إحداث الوفاة وهنا تكمن المشكلة لأن أصحاب الرأى الأول يريدون الهدم والبناء من جديد ونسوا أن مابين هذا وذاك لن يجدوا شيئا يبنوه والرأى الآخر يريد إصلاح ما تبقى من الدولة أو يريد إحلال وتجديد لأننا من الصعب أن نفصل بين المجلس العسكرى الذى يريد أصحاب الرأى الأول إسقاطه وبين الجيش من الناحية العملية والدليل أننا عندما أردنا إسقاط النظام قمنا بإسقاط الشرطة حتى نستطيع السيطرة على النظام والآن وقد حل الجيش محل الشرطة فلابد لنا من إسقاطه حتى نتمكن من إسقاط النظام وهذا هو جوهر الخلاف بين أصحاب الرأى فيمن يريد ثورة على الفساد ومن يريد ثورة على البلاد فهل نستطيع إسقاط النظام متمثلا فى المجلس العسكرى دونما إسقاط الجيش نفسه الذى يستمد المجلس شرعيته منه ويستمد قوته منه إذن فما الحل؟ الحل يكمن فى الصبر قليلا فما لا نستطيع فعله اليوم ننتظر رويدا ونفعله فى الغد القريب دون إراقة الدماء ودون المخاطرة بمستقبل الجيش ومستقبل الوطن وأبناءه والثمن قليلا فهو مجرد صبرا قليلا فنحن نسير على الطريق الصحيح وإن كنا نسير ببطء ولكن خيرا لنا أن نصل متأخرين على ألا نصل على الإطلاق فها هى الإنتخابات البرلمانية قد إنتهت وتشكل البرلمان بإختيار حر ونزيه وها هى باقى الإنتخابات فى طريقها إلى الإنتهاء ورويدا تتشكل دولتنا الجديدة بإرادة شعبها وبإختيار أبنائها ولم تبقى سوى بضع شهور ليتوارى المجلس العسكرى عن المشهد السياسى وحرى بنا أن نقارن بين إقصائه بطريقة سلمية مدروسة وبين فكرة إسقاطه الآن بما تحمله من مخاطر والأجدر بنا ولسلامة وطننا أن ننتظر قليلا فيرحل بسلام ونعيش نحن جميعا بسلام فنضمن سلامة الوطن وسلامة الجميع وأعتقد أن بضعة شهور فى عمر الدول شيئا لا يذكر وثمنا قليلا مقابل الحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين فهيا بنا نحافظ على وطننا ونبنى بلادنا ونؤسس لمستقبلنا بالبناء على ما لدينا وليس بهدم كل ما عندنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق