21‏/1‏/2012

المعادلة الصعبة فى الثورة

لاشك أننا ما قمنا بثورتنا إلا بسبب المعاناة التى عشناها ما بين قمع وفساد وما بين إنتهاك كرامة وإمتهان حرمات وما بين إستبداد حاكم وفساد سلطة وكانت تلك الأسباب كفيلة لقيام ثورتنا التى وهبنا الله نجاحها ولم يتبقى أمامنا سوى إجراءات حصد النجاح والتى لن تحدث بين يوم وليلة ويجب ألا يدفعنا التعجل إلى السير نحو الهدم بدلا من البناء وعلينا الحذر والحرص فى إتخاذ قرارات أو المضى نحو خطوات ربما تبدوا فى ظاهرها بناء وهى فى حقيقتها دعوات هدم ودمار وهنا يكمن الخطر وهنا يوجد محور الإختلاف بين فئات الشعب على إختلاف توجهاتها فجميعنا سعداء بالثورة ونجاحها وتوحدنا فى تحقيق هدفها الرئيسى وهو إسقاط النظام وقد سقط فعليا وإن لم يكن بكامل شخوصه ولكنه قد سقط ثم بدأ الإختلاف فى الرأى والرؤية حول كيفية معالجة الفترة ما بين إسقاط نظام وبناء آخرفهناك من يرى أن الثورة لم تنتهى بعد وعلينا إستكمالها وهناك من يرى أنها قد إنتهت ولم يتبقى سوى حصاد نتائجها التى قامت من أجلها والفارق بين الوجهتين كبير ومهما كان حجم الإختلاف فإن الجميع يتفق على ضرورة إستكمال خطواتها لتحقيق كافة أهدافها ويبقى أيضا الإختلاف حول طريقة المعالجة فنحن نريد ثورة وفى الوقت نفسه نريد الحفاظ على الوطن والفرق بين الرأيين يمكن تشبيهه بمن يريد إقتلاع القلب من الجسد حتى لا يعانى المريض من الألم وهو لم يدرك أنه حقا لن يعانى مجددا ولكنه سيفقد الحياة وهذا كمن يريد ثورة ونسف دولة ومن يريد ثورة ووطن كمن يريد إستئصال مصدر الألم من القلب دون إحداث الوفاة وهنا تكمن المشكلة لأن أصحاب الرأى الأول يريدون الهدم والبناء من جديد ونسوا أن مابين هذا وذاك لن يجدوا شيئا يبنوه والرأى الآخر يريد إصلاح ما تبقى من الدولة أو يريد إحلال وتجديد لأننا من الصعب أن نفصل بين المجلس العسكرى الذى يريد أصحاب الرأى الأول إسقاطه وبين الجيش من الناحية العملية والدليل أننا عندما أردنا إسقاط النظام قمنا بإسقاط الشرطة حتى نستطيع السيطرة على النظام والآن وقد حل الجيش محل الشرطة فلابد لنا من إسقاطه حتى نتمكن من إسقاط النظام وهذا هو جوهر الخلاف بين أصحاب الرأى فيمن يريد ثورة على الفساد ومن يريد ثورة على البلاد فهل نستطيع إسقاط النظام متمثلا فى المجلس العسكرى دونما إسقاط الجيش نفسه الذى يستمد المجلس شرعيته منه ويستمد قوته منه إذن فما الحل؟ الحل يكمن فى الصبر قليلا فما لا نستطيع فعله اليوم ننتظر رويدا ونفعله فى الغد القريب دون إراقة الدماء ودون المخاطرة بمستقبل الجيش ومستقبل الوطن وأبناءه والثمن قليلا فهو مجرد صبرا قليلا فنحن نسير على الطريق الصحيح وإن كنا نسير ببطء ولكن خيرا لنا أن نصل متأخرين على ألا نصل على الإطلاق فها هى الإنتخابات البرلمانية قد إنتهت وتشكل البرلمان بإختيار حر ونزيه وها هى باقى الإنتخابات فى طريقها إلى الإنتهاء ورويدا تتشكل دولتنا الجديدة بإرادة شعبها وبإختيار أبنائها ولم تبقى سوى بضع شهور ليتوارى المجلس العسكرى عن المشهد السياسى وحرى بنا أن نقارن بين إقصائه بطريقة سلمية مدروسة وبين فكرة إسقاطه الآن بما تحمله من مخاطر والأجدر بنا ولسلامة وطننا أن ننتظر قليلا فيرحل بسلام ونعيش نحن جميعا بسلام فنضمن سلامة الوطن وسلامة الجميع وأعتقد أن بضعة شهور فى عمر الدول شيئا لا يذكر وثمنا قليلا مقابل الحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين فهيا بنا نحافظ على وطننا ونبنى بلادنا ونؤسس لمستقبلنا بالبناء على ما لدينا وليس بهدم كل ما عندنا.

ليست هناك تعليقات: