وسط زخم الثورة المجيدة راح كل منا يبحث عن محاربة الفساد والقضاء على أذناب النظام والسعى للحصول على الحرية وهذا حق للجميع ولكن ربما نسينا أن الشعب لن يتناول إفطاره طبقا من الحرية ولن يتناول وجبة غذاء على أنغام الديمقراطية ولن يجلس لتناول العشاء على مائدة الشفافية ولسنا هنا بصدد الجدل حول أهمية وحتمية كل هذا ولكن لابد أن يسير بالتوازى مع تلك الإصلاحات السياسية الحتمية والضرورية البحث عن وسائل للتنمية وإيجاد سبل للحياة الكريمة والعدالة الإجتماعية فالكثير من الفئات لا تعنيها مثل تلك الشعارات أو حتى الإصلاحات وما يعنيها هى حياتها اليومية التى تقتات منها وتنفق بها على أسرها ووسط هذا الزحام من المشاحنات السياسية نسينا فئات عديدة فلم يذكرها أحد وعلى رأسها أولئك العاطلين عن العمل والذين لا يجدون ما ينفقون به ليس على أسرة كاملة بل لا يستطيعون الإنفاق على أنفسهم وتلك شريحة لا يستهان بها ولابد أن توضع لهم خطة متكاملة لإستيعاب هذه الفئة والتى تمثل ركيزة أساسية لبناء الوطن والنهوض به ليس فقط لسد إحتياجاتهم وإنما للحفاظ عليهم من الإنحراف تحت ضغط الحاجة والفقر ويأتى الفلاح البسيط والذى هو بالأساس المكون الرئيسى والمصدر الأساسى لمتطلبات حياتنا وللحصول على حريتنا وإستعادة إرادتنا لأننا نؤمن بأن من لا يملك قوته لا يملك قراره وما تم هذا العام وبعد الثورة من عدم إنتظام مياه الرى وكأننا لا زلنا نعيش فى عهد العشوائية والتخبط فإذا بالماء متوافرا وزائدا عن الحاجة قبل موسم زراعة الأرزوما يمثله من إهدار للمياه دون جدوى وعندما بدأ الموسم إذا بالترع تجف وإذا بالمياه تنقطع لمدة لا تقل عن عشرين يوما متواصلة مما أدى إلى تأخر زراعة الأرز والذى يؤثرعلى الناتج من الأرزفى الوقت الذى نحن فى أمس الحاجة إلى كل حبة أرز وقمح ومن ناحية أخرى يعانى الفلاح من الإرتفاع الهائل فى أسعار الأسمدة والمبيدات إلى الحد الذى يعجز معه الفلاح فى تلبية متطلبات الزراعة أو مكافحة الآفات وهذا ينعكس سلبا على إنتاجية الأرض كما تشهد أسعار الأعلاف زيادة غير مسبوقة وهذا يدفع الفلاح إلى الإحجام عن تربية المواشى فتزداد أسعاراللحوم ليس هذا فحسب بل يتحول هؤلاء الفلاحين والمربين إلى عاطلين وتزيد نسبة البطالة التى يعانى منها الكثيرين وهذا لأننا لم نلتفت إلى فئات الشعب المختلفة ولم نركزسوى على الحرية والفساد وكأن محاربة أباطرة السوق سواء فى الأعلاف أو الكيماويات ليست من ضمن محاربة الفساد بل هى الأولى بالمحاربة وأن نظرة متعمقة لرعاية الفلاح البسيط وهو من أهم القطاعات فى المجتمع الذى نعتمد عليه فى الإنتاج الزراعى والحيوانى خاصة ونحن نمر بمرحلة لا نريد فيها الإعتماد على الخارج حتى لا يتحكم فى قرارنا أحد لأن حريتنا وتحررنا يبدأ من إمتلاك قوتنا فهل لنا من نظرة إلى هذا الفلاح البسيط الذى هو ركيزة إقتصادنا بل هو ركيزة المجتمع بأسره بل نحن فى حاجة إلى نظرة شاملة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق