17‏/5‏/2011

تحرير الأقصى يبدأ بتحرير أنفسنا أولا

لا شك أننا جميعا نتوق شوقا وتنبض قلوبنا لهفة وتتطلع أرواحنا للذهاب إلى الأقصى بل إلى أى بقعة من أرض فلسطين الغالية على كل العرب وليس لدى أدنى شك فى كل إنسان عربى فى رغبته ككل العرب أن يرى فلسطين محررة وأهلها عائدون إليها يعيشون على أرضها ويتنفسون نسيمها ولكن يجب أن نعى فى الوقت الذى نشتاق فيه إلى فلسطين والرغبة فى تحريرها أن هناك معطيات وأدوات لتحرير الأراضى وأن نعلم أن لكل مقام مقال ولكل حادث حديث وليس كل ما يتمناه المرء يدركه وأعلم أيضا أن ما لا يدرك كله لا يترك كله ولكنى أتحدث عن شعبنا فى مصر ورغبته فى الذهاب إلى فلسطين بل ومطالبة البعض بإختراق الحدود والدخول إلى الأراضى المحتلة وأعلم يقينا أن كل هذا عن حسن نية ورغبة فى تحرير الأرض ولكن ألا يدرك هؤلاء أن تحرير الأراضى له أدوات وطرق وليست مجرد نوايا ورغبات وطموحات ولا بد من دراسة الخطوات قبل الإقدام عليها فهل سأل هؤلاء أنفسهم ماذا سيصنعون عندما يواجههم العدو بدباباته وطائراته وماذا لو أطلق النار عليهم وسقط منهم الشهداء والجرحى ألا يجعل ذلك الحكومة المصرية فى مأزق كبير ويسبب لها الحرج؟وسيخرج آخرون يطالبون بالقصاص من العدو ولم يسأل أيهم هل نحن على إستعداد لخوض حرب فى ظل هذه الظروف التى تمر بها البلاد وهل هناك سبب أو داعى لتلك الحرب ونحن نشهد مصالحة فلسطينية وإعترافات دولية بالدولة الفلسطينية وكل هذا يمثل ضغطا لصالح القضية الفلسطينية وربما يجيبنى أحدهم بأنهم يريدون الضغط كذلك على العدو فأجيبه يمكننا الضغط بوسائل شتى ولكن ليس بالإنتحار أو إجبارنا على الحرب وهل سأل هؤلاء أنفسهم كيف سيواجهون هذا العدو على الحدود وهل نسوا أن الحرب لم تعد أفرادا وإنما عتادا فكيف لنا بمواجهة العدو بصدور عارية ونحن نعلم أنه عدو خسيس وخائن ويمكنه القيام بأى عمل ونعلم كذلك أن العالم يؤيده ولا يشجب تصرفاته ,إن هؤلاء جميعا أصحاب نوايا طيبة ولكن ألا يخشون أن يندس بين صفوفهم من هم أصحاب النوايا الخبيثة والذين يريدون جر مصر إلى حرب لا يعلم مداها إلا الله بل ألا يعلمون أن العدو نفسه يمكنه فعل الإدعاءات ليقوم بالإعتداء على المصريين بل ألا يعلم هؤلاء أن العدو لديه أطماع فى سيناء ويمكنه التلكأ بمثل هذه الأعمال ليقوم بالتوغل داخلها مما يجعلنا فى موقف لا نحسد عليه نعم جميعنا نشتاق إلى فلسطين وجميعنا نريد عودتها وعودة اللاجئين ولكن لابد من خطوات محسوبة وأفكار مدروسة لا عواطف ولا أمنيات لأنه ربما بدلا من أن نحصل على مكاسب نضطر إلى دفع المزيد من التنازلات لذا ما قامت به القوات المسلحة فى منع الجماهير من الوصول إلى سيناء أو قطاع غزة ليس من باب القمع أو الخضوع بل من منطلق الحرص والحفاظ على الشعب وعلى الأرض والأمن القومى والذى نحن فى أمس الحاجة إليه فى هذه الأثناء فهلا تريثنا وتدبرنا أمورنا وحاولنا إعادة ترتيب البيت الداخلى أولا والوقوف من جديد والنهوض ببلدنا فى الوقت الذى تسير فيه الأمور مع الجانب الفلسطينى فى طريقها السلمى للمفاوضات وفى طريقها للحل ويمكننا العمل بين هذا وذاك فنعيد ترتيب أولوياتنا ونفاوض من أجل حل القضية الفلسطينية حتى نسترد عافيتنا وعندها يمكننا إستبدال أدوات محل أخرى وإستخدام سياسات ربما ليست فى الإمكان الآن ولكن يبقى أننا يجب أن نتعرف على حقيقة قوتنا ومصادرها وأن نتعامل من منطلق العقل والحكمة وهذا ليس تنازلا أو تخاذلا ولكن هى واقعية رؤية ووضوح موقف فاليوم هكذا وغدا لناظره لقريب فلا تدفعنا العجلة إلى إتخاذ مواقف غير مدروسة أو تدابير متسرعة وإن شاء الله إنا لمحررون .

ليست هناك تعليقات: