إن الشرعية الثورية ماهى إلا مصطلح يراد به الإلتفاف على رأى الأغلبية ولا وجود لها سوى فى أذهان تلك الأقلية وإنما توجد الشرعية الشعبية لأنه لولا الإجماع الشعبى ما حدثت الثورة وما نجحت وإلا كان بإمكان بضعة نفر من الجماهير القيام بثورة ولا تحدث الثورات هكذا ولكن تحدث وتنجح عندما تجتمع الإرادة الشعبية وتلتف حول هدف واحد أقول هذا لأن هناك من يتحدث عن أن المجلس العسكرى الحاكم للبلاد ينوى إصدار إعلان دستورى جديد يتضمن شروطا لإختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها عمل الدستور الجديد بعيدا عن إختيار البرلمان المنتخب لهذه الجمعية ومع علمى بأنه قرار باطل قانونيا ولا يجوز دستوريا ومع علمى أيضا بأنه لا توجد هيئة يمكنها التحكم فى عمل البرلمان بصفته السلطة التشريعية العليا التى يحق لها تشريع القوانين وسن التشريعات ولا تعلوا عليه سلطات ومع ذلك لو إفترضنا عدم بطلان هذا أو ذاك ولو حقا سمح المجلس العسكرى الذى يمثل الشرعية فى البلاد حاليا بأن يقوم بمثل هذا العمل فإنه بذلك يفتح أبواب صراعات سياسية وفتنة مجتمعية لن تنتهى ولا يعلم أحد مداها حيث يكون قد أعطى للأقلية حق التحكم والوصاية على قرارات الأغلبية التى تمثل الشرعية وفقا لمبادىء الديمقراطية ويكون بذلك قد فتح الباب أمام كل الفئات للتمرد على شرعية الأغلبية وحقها فى التمثيل فى مختلف الهيئات والمؤسسات بدعوى أن هذه الأغلبية لم تفهم جيدا ولم تنضج بعد أو أنه قد تم خداعها أوالتغرير بها وكأننا لا زلنا نعيش فى ظل النظام البائد الذى كان دائما يصف الشعب بالغباء السياسى والسطحية الفكرية وإذا حدث ذلك فلن تفلح أية إصلاحات فى أية مؤسسات أو هيئات لأننا نفتح الباب أمام الفئات التى لا تمثل أحدا للتحايل على نتائج الإنتخابات أو الإستفتاءات بالطعن فى قدرة الأغلبية الساذجة التى لطالما تختار الخطأ والتى لا تعرف صالح نفسها وعلى الأقلية أن تختار لها وتضعها تحت وصايتها وهكذا ندخل فى صراع لا ينتهى بين أغلبية تختار ما يرضيها وأقلية لا تسمح بهذا الإختياروإذا فعل المجلس العسكرى هذا فإنه يكون قد غلب رأى الأقلية على رأى الأغلبية ويكون قد ضرب بالمبادىء الأساسية للديمقراطية التى قامت من أجلها الثورة عرض الحائط وليس هذا فحسب بل يكون قد بعث برسالة سلبية إلى جموع الشعب المتلهفة إلى ممارسة الديمقراطية والمشاركة فى الحياة السياسية حيث ستجد هذه الجماهير أن رأيها التى أدلت به ليس له قيمة أو وزن لأن هناك من يستطيع إلغاءه وإلقاءه فى سلة المهملات كما أنه يفتح الباب لتمسك هذه الأغلبية برأيها فى مقابل رفض الأقلية لهذا الرأى وهذا ما يؤدى للدخول فى صراع بين طرفى الأمة متمثلة فى أقلية تريد فرض رؤيتها على الأغلبية دونما أى شرعية أو أحقية لو حدث هذا فماذا لو إختارت الأغلبية رئيسا وجاءت أقلية لم يعجبهم هذا الإختيار وجاءت أخرى فرفضت هذا الرئيس وهكذا ندخل فى دائرة مفرغة لا تنتهى بل يكون الوضع أشبه بعصابة تحكم البلاد فنجد فئة قليلة تتحكم فى مصير أمة بأكملها وبدلا من أن نؤسس نظام يقوم على أسس ومبادىء الحرية والديمقراطية نجد أنفسنا أمام مجموعة من الكيانات اللاشرعية تتصارع فيما بينها على بسط نفوذها وتمرير أهدافها مهما كان رأى الأغلبية وهكذا ندخل فى صراعات لا تنتهى وفوضى لا تستقر لأننا فى الأساس تخلينا عن الشرعية الشعبية المتمثلة فى رأى الأغلبية مهما كانت خصائصها ثم تخلينا عن الشرعية الدستورية والتى لا يصح تبديلها أو تعديلها لإرضاء فئات ربما لا تمثل أحدا سوى أشخاصها ولذلك أيها المجلس لا يصح إلا الصحيح ولا يمكن أن يحكمنا سوى الدستوروالقانون وليس مجرد أقلية تريد فرض سيطرتها على إرادة أمة فحافظوا على الشرعية التى مصدرها رأى الأغلبية فالشعب مصدر السلطات ومصدر التشريع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق