18‏/12‏/2010

هل يظنون بنا سفاهة أم أنهم هم السفهاء؟

جميعنا يعلم أننا فى وطننا العربى الكبير نعيش فى ظل حكم فردى يحكم البلاد ويسير العباد كيفما شاء ووقتما شاء ولايمكن لمسؤول مهما علا شأنه أن يبدأ مشروع أويعطى تصريح أو قرار فى شأن من شؤون وزارته إلا بعد الحصول على إذن من الحاكم الأوحد أو المرورعلى مكتبه وأخذ الموافقات والتبريكات سواء للقول أو الفعل وفى مصرنا الغالية عشنا منذ أيام قليلة التجربة المصرية الفريدة للإنتخابات البرلمانية والتى شهدت تطبيق نموذج جديد من النماذج المبتكرة فى التزوير بل إبتداع ماهو أكثر حداثة من التزوير وهو تزوير التزوير ولن نخوض فى تفاصيل تلك الإنتخابات وماشابها لأننا بإختصار يمكن أن نسميها عملية تزوير شابها إنتخابات وليس العكس وإذا كانت تلك التزويرات لم تشهد البلاد لها مثيل من قبل بل لم تشهد مثلها أى من البلاد التى لاتملك مجرد دستور ولم تمارس أية عملية سياسية من قبل إلا أن الأكثر تزويرا من تزوير الإنتخابات هى التصريحات التى طلع علينا بها المسؤلون عن الحزب الحاكم أو الحكومة وإن كنا نجد لهؤلاء جميعا العذر فيما يقولون من تصريحات فليس الأمر بأيديهم ولكن أن يطلع علينا رئيس الحزب ورئيس الدولة والحاكم الأعظم فيخبرنا بأن الإنتخابات فى مجملها تمت طبقا للمواصفات القياسية وحصلت على شهادة الأيزو الأوروبية فهذا هو أكثر الأمور طرافة فى الأمر مع أننا لم نعهد من الرئيس طرافة وهنا ليس الخلل فى الإنتخابات بحد ذاتها ولكن فى تلك المنظومة الحاكمة بشكل عام فمن خلال أحاديث هؤلاء تلاحظ غرابة هؤلاء ناهيك عن غرابة حديثهم وكأنهم يتحدثون عن أحداث وقعت خارج البلاد ولم تقع أمام أعيننا وشاركنا فيها وشهدنا أحداثها بل ونحن جزء من هذه الأحداث وكأنهم يتحدثون عن إنتخابات جرت فى دولة أخرى وتمت بأيد شعب آخر ونحن مجرد متابعين للخبر وأيضا كل هذا شأن  ويبقى هناك شأن آخر وهو تصريحات الرئيس قبل الإنتخابات والتى ظلت تتغنى بها وسائل إعلام الحزب الحاكم وهى وعد الرئيس بنزاهة الإنتخابات وهنا نتساءل إذا كانت الإنتخابات قد شابها مثل هذا الكم من التزويربجميع أنواعه وأشكاله فى ظل وعد الرئيس بنزاهتها فماذا لو لم يكن وعد الرئيس؟ هل كانت ستتحول إلى إستفتاء؟ وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن مدى مصداقية وعود الرئيس فهل هى وعودا حقيقية ولكن القائمين على تنفيذها يتجاهلونها؟ أم أنهم يعصون أوامره ؟أم أنها وعود للنشرفقط فى وسائل الإعلام ولكن الحقيقة أنها وعود زائفة وتم الإتفاق على ماسوف يتخذ من إجراءات ؟فإذا إعتبرنا أن وعد الرئيس حقيقة فإذن كيف لايتم تنفيذه؟ وهل يستطيع كائن ما كان شأنه فى مصر ألا ينفذ وعود الرئيس وتوجيهاته أو يتلاعب بها دون إذن أو موافقة؟ وهل يمكن لهؤلاء أن يعصون الرئيس أمرا مشروعا وهم يطيعونه فيما هو ليس مشروعا ؟أليس الأجدر أن يطيعونه فيما يرضيه ويرضى عنه الجميع ؟وهل يعلم أحدا أن هناك شخصا يستطيع أن ينفذ إجراءات غير التى سمح بها الرئيس ؟وهل لدينا فى مصر سواء كان وزيرا أو مسؤلا من يملك القرار ؟أليسوا جميعا يعملون سكرتارية لدى الحاكم فينتظرون التوجيهات وينفذون التعليمات ؟أليس هؤلاء جميعا قاموا بتعديل الدستور بمجرد كلمة قالها الرئيس وخلال يوما واحدا تم قلب الدستور رأسا على عقب ؟هل هؤلاء الذين يفعلون مايؤمرون فى ساعة من ليل أو نهار يمكنهم ألا ينفذوا توجيهات الرئيس ؟أم أن توجيهات الرئيس فيما يخص السير على طريق الديمقراطية والإصلاح السياسى ليست سوى للنشر والإعلان ولكن هناك صيغة أخرى للتنفيذ على أرض الواقع ؟أم أن هؤلاء غلبهم شيطانهم فعصوا ما أمرهم الرئيس به ؟إذن يمكنه إستبعادهم أم أنهم إستغفروا الله فغفر لهم ؟أم أنها مجرد مسرحية هزلية يكتبها ويخرجها ويسدل ستارها الرئيس الأعظم والحاكم الأوحد ويقوم بأدائها كومبارسات النظام وليس عليهم سوى التنفيذ وإعلان النتائج المطلوبة ؟إننا نعلم جميعا أننا نعيش فى ظل نظام حكم الفرد يديره حاكم أوحد ويتحكم فى مقدراته ويرسم كل حياته فهل نصدق أن الأمر ربما خرج عن سيطرته فى مثل هذه الأمور ؟أم أن الحاكم وأتباعه أصابتهم سفاهة أم أنهم يعتقدون أن بنا سفاهة؟

ليست هناك تعليقات: