قامت الثورة ليس لمجرد تغيير وجوه وأسماء بل من أجل القضاء على فساد النظام بكامله وإقتلاعه من جذوره وها نحن أسقطنا رؤوس النظام ويبقى أمامنا الكثير ومنذ سقط النظام وإئتمان المجلس العسكرى على إدارة شئون البلاد حتى نرتب أوراقنا ونعيد صياغة سياستنا ونرسم وطننا من جديد وعندما تم إجراء الإستفتاء وشاركت فيه جموع الجماهير بصرف النظر عن نتائجه لكننا سعدنا كثيرا لأننا شعرنا بأهمية أصواتنا وقيمتها ومدى تأثيرها فى تشكيل حياة ديمقراطية سليمة تكون نتاج ثورتنا ولكن ما يحدث هذه الأيام لا يوحى بأننا نمشى على الطريق الصحيح أو ربما أخطأنا عندما تم إسناد إدارة شئون البلاد إلى المجلس العسكرى فما يحدث يوحى بأن الإستفتاء لم يكن لإقرارحياة ديمقراطية ولكن كان بغرض تفريق القوى والأحزاب السياسية حيث يذهب كل منها إلى البحث عن مصلحته ونصيبه فى الحياه الجديدة فيتصارع الجميع فيما بينهم ويتركون الساحة للمجلس يفعل بها ما يشاء ويمدد فى فترة بقاءه منفردا بالسلطة ويدلل على ذلك ما تبع الإستفتاء من حملة للتشكيك فى بعض القوى والحركات السياسية فى محاولة لتفكيك الإجماع الشعبى والإلتفاف الجماهيرى حول هذه الحركات والقوى وتصارع الأحزاب فيما بينها وكل يوم تزداد الفجوة بين هذه الأحزاب وتزداد الفرقة بين جماهير الشعب بل وتتصارع الجموع ما بين مؤيد وعارض وتلا ذلك إختلاق أحداث السفارة الإسرائلية حيث ترك المجلس الساحة خالية أمام جموع المتظاهرين لإقتحام السفارة والذهاب إلى مبنى الداخلية ومديرية الأمن حيث تركها النظام بلا حماية أو تأمين بالرغم من معرفته المسبقة بوجود تهديدات أعلنها بنفسه وهنا نتساءل كيف تعلم بالتهديدات ولا تتخذ لها الإجراءات والإحتياطيات وكانت تلك محاولة حتى تقتحم الجموع تلك المشآت ليتذرع المجلس بهذه الممارسات لإعلان حالة الطوارىء وإستصدار قوانين جديدة تزيد قمع الحريات وتمنح الشرطة الحق فى ممارسة القمع والقتل والترهيب وأعقب ذلك التضييق على حرية الإعلام بقرار وقف منح تراخيص جديدة ثم غلق مكتب قناة الجزيرة مباشر فى مصر ضمن سلسلة تم التخطيط لها لقمع الحريات السياسية متمثلة ليس فى تفعيل قانون الطوارىء فحسب بل إضافة بنود جديدة والتهديد والوعيد ثم قمع الحريات الإعلامية بوقف التراخيص وغلق القنوات وقمع الحريات الإجتماعية بإصدار قانون منع الإعتصامات وعدم السماح بالتفاوض مع المعتصمين إلا بعد فض إعتصامهم وسبق ذلك عسكرة ميدان التحرير وإحتلاله من قبل قوات الأمن المدنية والعسكرية كل ذلك يسير ضمن منظومة تتجه بنا نحو الوراء وتدلل على أننا نمر بمرحلة ربما تفوق بكثير حجم القمع الذى مارسه النظام السابق بل وكأننا نعود بعجلة الزمان إلى الوراء بعيدا وهذه الإجراءات لا تبشر بخير بل توحى بما هو أسوأ فى المستقبل القريب وكل هذا يزيد الإحتقان والعداء بين الشعب والجيش ويبدوا أن المجلس العسكرى يخطط لما هو أكثر سوءا وأشد قمعا وربما هناك ترتيبات للبقاء فى السلطة وحكم البلاد خاصة وأنه حتى الآن لم يضع جدولا زمنيا لإجراء أى من الإنتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية وكل تلك الإجراءات والأحداث نذير سوء على الثورة بل نذير سوء على الوطن لأنها لن تمنع الشعب من التعبير ولن توقف الثورة عن الدوران بل تزيد حدة الإحتقان لدى جموع الشعب وبدلا من حدوث المواجهات بين الشعب والشرطة فربما تتحول إلى مواجهات بين الشعب والجيش وعندها تقع الكارثة الكبرى التى من شأنها إحراق الوطن كاملا ولابد للعقلاء من المسئولين أن يتنبهوا إلى أن عجلة الثورة لن تدور إلى الخلف بل لن تتوقف وأن ما تحقق لن يتنازل عنه أصحابه لأنهم دفعوا فى سبيله أرواحهم ودماءهم ولن يسمحوا بأن تضيع هباءا لصالح بضعة نفر من المتسلقين والإنتهازيين فأفيقوا وإنتبهوا وليكن لنا فى سياسات النظام البائد عبرة ودرس لأن العقلاء وحدهم هم من يتعلمون الدروس فكونوا من العقلاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق