11‏/9‏/2011

حكومة عشوائية أم مؤامرات سياسية؟

إن الأحداث التى جرت اليوم 9 سبتمبر تدلل على أننا لا زلنا نعيش حالة ثورة ولكنها ثورة داخل الشعب ولم تصل بعد إلى النظام الحاكم فما حدث يوحى وكأننا دولة بلا نظام ونظام بلا أفراد ولو وجد الأفراد فكأنهم لم يرقوا إلى مرتبة الصم والبكم والعميان وإلا كنا رأينا لهم إشارات إلا أننا لم نلمح أية إشارات أو علامات وكأنه وطن بلا حكومة بل حكومة بلا عقل أو بصيرة فليس الأمر أن قوات الأمن إنسحبت فقط من ميدان التحرير أو من أمام وزارة الداخلية أوالسفارة الإسرائيلية بل تشعر وكأنها إنسحبت من ربوع مصر فأصبحت خارج حدودها ولم نرى مسئولا يطل علينا عبر إحدى الشاشات رغم كثرتها ليشرح لنا الأوضاع أو يناشد المتظاهرين إلتزام الهدوء والتخلى عن العنف والعودة إلى منازلهم أو أن يخبرنا بما تؤول إليه الأحداث وما يجب إتخاذه من إجراءات ولا أعرف أى حكومة تلك وأى سلطة هذه التى لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم فهل هذه الحكومة إما أن تتخلى عن البلاد والعباد وإما أن تشعل الدنيا نارا لا تنطفىء أى فكر هذا بل أى عقلية تلك التى لم نرى لها ملامح ولم نجد لها رؤية ومن ذا الذى يدير البلاد وبأى منطق يديرها فلم نرى سوى فوضى تحكمها عشوائية نعم فوضى فى الإجراءات تحكمها عشوائية فى إتخاذ القرارات لو إتخذت فلم تضع الحكومة خطة واضحة لتأمين تلك المنشآت بالرغم من التهديدات التى سبقتها وبالرغم من علمها بمدى الإحتقان لدى الشعب من سوء السياسة المتبعة وكان يجب أن يعلم النظام أن هناك حالة من الإحباط لدى الشعب من جراء ماحدث للجنود المصريين على الحدود ولم تتخذ الحكومة أى إجراءات تهدىء من حدة الغضب لدى الشعب ثم تلاها سوء أداء جهاز الشرطة مع أهالى الشهداء أمام المحكمة وأعقبها أيضا سوء الأداء فى مباراة النادى الأهلى وكل هذه الأفعال كان يجب أن تضعها الحكومة فى الإعتبار ولكن بدا وكأن الحكومة تخلت عن دورها وتركت للشعب حكم البلاد بسياسته الخاصة ليس هذا اليوم فحسب بل منذ أن تركت الحكومة البلطجية يحكمون البلاد ويتحكمون فى العباد فضاعت هيبة الدولة وأصبح الأفراد هم من يحكمون أنفسهم وعلى الجانب الآخر لم نسمع أى من القوى السياسية التى شاركت فى تلك التظاهرات تطلع علينا ببيان يوضح موقفها مما يحدث وهى نفس القوى التى تملأ الدنيا ضجيجا بتصريحاتها فلماذا لم تخرج علينا ببيان يوضح موقفها وينفى عنها التهم التى ستوجه إليها بإعتبار أنها من دعت إلى هذه التظاهرات والمنوط بها تنظيمها والإشراف عليها فلماذا لم تصدر بيانا يبين حقيقة موقفها مما يحدث وربما تشير أصابع الإتهام نحوها أوعلى الأقل رضاها بما يحدث ويقول المدافعون عن تلك القوى أنها غير معنية بما حدث ويجيب آخر كيف وهى صاحبة الدعوة والتنظيم فيرد آخر أنه لا يمكنها السيطرة على تلك الحشود وهل هذا يعنى أن من حضروا ليسوا جميعا تبعا لها ويجيب آخر أن من دعا للفعالية هو المسئول عما يجرى بها وإن كانت غير معنية بما حدث فلما لم تخرج عبر الشاشات لتنفى صلتها بما يجرى بل وتطلب من مؤيديها الإنصراف عن المشهد أم أنها كانت فى إنتظار إتمام المهمة حتى تتأكد من نجاحها فتخرج علينا ببيان تتبرأ فيه مما جرى وتشجب وتدين ما حدث إن الأحداث التى جرت مهما كانت المعطيات والشواهد وما وراءها لا تعفى تلك القوى السياسية التى دعت لتلك التظاهرات من مسئوليتها ولابد أن تعلم أن ما حدث لا يصب فى مصلحة أحد سواء تلك القوى المشاركة أو النظام الحاكم وما حدث يثير تساؤلات حول تلك القوى السياسية كما يثير التساؤلات حول قدرة النظام الحاكم على إدارة البلاد فهناك جهات يعنيها ما حدث بل تحرك وتدعم مثل هذه الأحداث وبالطبع هى تلك الجهات التى يهمها تعطيل الحياة بكافة جوانبها فى مصر فهناك من يعنيه تأجيل الإنتخابات وهناك من يعنيه تعطيل العملية السياسية وهناك من يعنيه عدم الإنتقال إلى حياة ديمقراطية صحيحة وهؤلاء جميعا يعنيهم ما حدث بل يسعدهم وهنا لابد لنا جميعا من وقفة مع الذات لنتدارك الأمر ونتدارس الأحداث والبحث عن الحل الأمثل الذى ينتقل بالبلاد إلى حالة الأمن والإستقرار وهو الإسراع فى إقامة حياة مؤسسيية شاملة تتمثل فى إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية حتى نضمن العبور إلى بر الأمان فالحكومة المنتخبة تعبرعن إختيار الشعب الذى سوف يرتضى سياساتها وإن تعطيل السير فى هذا الإتجاه إنما يدفع بالبلاد من فوضى إلى فوضى أشد ووجب على العقلاء من أبناء هذا الوطن الدفع بإتجاه الإنتهاء من هذه المرحلة الإنتقالية والإسراع للإنتقال إلى الدولة المؤسسية وإلا ربما نصل إلى المرحلة التى لا ينفع عندها الندم.

ليست هناك تعليقات: