2‏/10‏/2011

جمهورية الميدان العربية

إن الدول تقوم على المؤسسات الرسمية والهيئات التشريعية والقانونية وتقوم مثل هذه المؤسسات بسن التشريعات وإصدارالقوانين وتنظيم اللوائح والقرارات وتقيم علاقاتها الدولية مع سائر الدول بناءا على علاقات رسمية بين تلك المؤسسات ولا تستطيع دولة أن تبنى علاقاتها وتؤدى إلتزاماتها من الشارع أو بناءا على تحركات جماعات وقوى سياسية ولكن بناءا على شرعية مؤسسية تقوم بمقتضاها الدولة بممارسة أدوارها ولن يتأتى ذلك إلا من خلال مؤسسات شرعية وهيئات رسمية أما أن توجد قوى تريد للدولة أن تدار من الشارع أوالميدان ويديرها أشخاص مجهولى الهوية ومجهولى التوجهات والإنتماءات ولا تحكم تصرفاتهم سوى الأهواء ولا يمثلون سوى شخوصهم والدول لا تحكم ولا تدارهكذا وإنما تداربإختيار حكومة شرعية أوعن طريق الإنتخابات ولكن أن تدارالدولة من الشارع أو الميدان فهذا أمرلا يستقيم لأن البيت الواحد لا يدارمن خارجه ولا يدار بهوى الأبناء والأقارب, إن إستمرار الحال والإصرارعلى إدارة الدولة من الميدان سوف يزيد من تعطيل عجلة الحياة كلها وليس الإنتاج وحده وسوف يترتب عليه إرتفاع وتيرة الفوضى وإنتشارأعمال البلطجة لأن تلك المؤسسات مهما عملت فهناك حالة من السيولة الإجتماعية حيث نعيش حالة من الفوضى وعدم المسئولية طالما بقينا هكذا بلا حاكم أو حكومة لأن الجميع يشعر بأننا دولة دون حاكم ويستشعر أنه لا سلطان لأحد على أحد ويفعل كل منا ما يشاء وليس هناك جهة شرعية يمكنها محاسبة الخارجين عن النظام بل ويشعر كل منا أنه صاحب حق ومعه وله كل الحق فى عمل ما يروق له وليس عليه رقيب أو سلطان سوى نفسه وهواه وهؤلاء الذين لا يريدون التقدم خطوة واحدة نحو الأمام هم هؤلاء الأحزاب التى تكونت فى الظلام والتى لم يعرف ولن يعرف عنها أحد لأنها ما جاءت من أجل مبادىء تؤمن بها أو أهداف تسعى لتحقيقها وإنما جاءت لمصالح شخصية أو بتمويل من رجال أعمال لهم أهداف ومآرب فئوية وليست من أجل مشاركة مجتمعية للنهوض بالأمة والسير قدما نحو بناء وطن جديد وهناك قوى وحركات سياسية لا تريد سوى البقاء فى الشارع لأنها لم تتعود يوما على العمل المؤسسى أو ربما لأنها تعلم أن فشلها يبدأ يوم تحولها إلى مؤسسة وربما خوفها من الصراعات التى سوف تحدث داخلها عندما تؤسس عملها بشكل رسمى وهكذا تريد البقاء فى الفضاء الواسع عبر الشوارع وعبر شبكات التواصل الإجتماعية دون تحمل أدنى مسئولية ودون تقديم رؤية مستقبلية فلن تظل الحياة ثورة دائمة وإعتصامات متواصلة وإضرابات متلاحقة فى الوقت الذى نعانى فيه كل يوم من هبوط حاد فى مستوى التنمية وهؤلاء فى الوقت الذى يعطلون فيه الإنتاج بل يحرضون على إستمرار تعطيله يريدون زيادة الأجور ورفع المرتبات فى معادلة فريدة من نوعها لا تستقيم معها الحياة, إن تلك القوى التى لا وجود لها إلا فى مخيلة أصحابها تعرف مدى ضعفها ولأنها على يقين من فشلها السياسى وعدم نجاحها فى أى إنتخابات تجرى فهى لا تريد تأسيس دولة أو المضى نحو صناديق الإقتراع ولذلك تسعى جاهدة لمعارضة هذا التوجه وكل ما تريده أن تبقى طليقة فى الشوارع والميادين وكلما ضاقت بها الدنيا ولم تجد من الحجج والبراهين إستدعت بعض الشعارات والعبارات التى تعتقد أنها تمنحها حصانة الحوار فإذا بها تتاجر بدماء الشهداء مع أن الشهداء ليسوا حكرا على أحد بل هم شهداء الوطن بأسره وتارة يتاجرون بالعمال المطحونين وهم بعيدين كل البعد عن هؤلاء العمال ولو كانوا صادقين لأتاحوا المجال لكى يعمل الجميع حتى نأكل مما ننتج لا أن نعطل ماكينات الإنتاج, إن هناك قوى داخلية وقوى خارجية لا تريد لنا سوى الدوران حول أنفسنا أو السير فى المكان ولا تريد التقدم إلى الأمام خطوات فها هى كلما بدت فى الأفق ملامح توافق إذا بها تطلع علينا بما يخالف هذا التوافق أو ذاك وباتت تلك القوى ليس لها من عمل سوى كيفية فض التوافقات ورفض الإتفاقات وزعزعة الإستقرار وتأجيج الفوضى والتشرذم وتعطيل عجلة الوطن كافة وليس مجرد تعطيل إنتاج فهل تلك هى الوطنية وهل تلك القوى حقا تحرص على الوطن والمواطنين أم أنها تعمل على التفرقة والإنشقاق والدفع نحو مزيد من الإختلافات والمواجهات فى طريق لا يخدم أحدا سوى الأعداء.

ليست هناك تعليقات: