2‏/11‏/2010

مصروإتفاقية السلام

عاشت مصر سنوات طويلة فى ظل الهزيمة وعانت فيها أشد المعاناة من إحتلال الأرض والإحساس باليأس والعجز والإنكسار فى وقت لم تكن فيه آلة الحرب فى صالح الدول العربية مجتمعة وعندما بدأ الراحل السادات فى التخطيط لحرب أكتوبر المجيدة لم يكن فى حسابه أو حساب أى إنسان أن يتحقق مثل هذا النصر وربما لم يكن يخطط لمثل هذا النصر بقدر ماكان يريد العبور من الهزيمة إلى النصر ومن الخوف إلى الثقه وإثبات الذات المصرية والعربية وتخطى حاجز الخوف من العدو الذى لايقهر وجاءت الحرب وتم النصر الذى لازلنا نعيش على نتائجه والتى أبهرت العالم كله بل وأبهرت العرب أنفسهم ثم تمضى السنون ويذهب السادات لعقد إتفاق سلام مع إسرائيل وهنا تبدأ المأساة العربية ويبدأ الإنقسام العربى بالرغم من أن السادات لم يعقد إتفاق السلام إلا بعد رفض الدول العربية المعنية بالذهاب وعلى رأسهم فلسطين فما كان منه إلا أن عقد إتفاق سلام منفرد بين مصر وإسرائيل ومنذ ذلك التاريخ وأغلب العرب يتهمونه ببيع القضية الفلسطينية والتخلى عنها وأن هذا الإتفاق أخرج مصر من محور المواجهة مع إسرائيل وأتساءل هل يريد هؤلاء أن تستمر الحرب دون نهاية إذن فما الهدف منها والحرب تدور من أجل تحقيق هدف وليس من أجل الحرب ذاتها فإذا كانت من أجل إسترداد أرض فهذا صحيح بشرط توافر الإمكانيات ولكن هذه الحرب كانت مجرد عبور من هزيمة إلى نصر ومن يأس إلى أمل ومن ظلمة إلى نوروماالحرب إلا وسيلة لتحقيق سلام وهنا يتناسى العرب أننا لانستطيع الإستمرار فى حرب طويلة والإجابة ببساطة لأننا نستورد قوت يومنا فما بالنا بالسلاح ويعلم الجميع أن المصدر الرئيسى للسلاح هو الحليف الأكبر لإسرائيل إذن إلى متى ستحارب وكيف تستمر فى الحرب إن هؤلاء يخطؤون حين يتهمون السلام بأنه السبب فيما وصلت إليه الأوضاع ويخطىء من يتهم السادات بتحييده للدور المصرى بسبب تلك الإتفاقية ولنا فى التاريخ الكثير من العبر فعند التفاوض لابد أن تكون على يقين بالبدائل المتاحة لديك حتى تقبل أو ترفض الشروط ونحن لانملك الكثير من البدائل أوالإختيار فعند هزيمة ألمانيا فى الحرب العالمية خضعت هى للشروط الدولية وتم تقسيمها إلى دولتين أما إتفاقية السلام فقد أعادت الأرض وأتاحت العيش بسلام وإذا أردنا أن ننتقد أحد فيمجب أن ننتقد القائمين على تطبيق الإتفاقية وليس على من عقدها فالعيب ليس فيها ولكن العيب فى تطبيقها ويخطىء أيضا من يتهم مصر بخيانة القضية العربية والتعامل مع إسرائيل وهى ترتبط معها بإتفاقية سلام ولم نسمعهم يتهمون دولا عربية عديدة ليس بينها وبين إسرائيل إتفاقيات أو معاهدات بل وليس بينهما حدود مشتركة ومع ذلك تربطهم علاقات قوية وأمامنا تركيا ليس كدولة إسلامية فقط بل تعد للكثير من العرب نموذجا من نماذج النضال والتصدى وهى من أكبر حلفاء إسرائيل وأصدقائها بل يربطهما أكبر إتفاقيات عسكرية ومع ذلك لم يتهمها أحد وهذا ببساطة يعنى أن الخلل لايكمن فى الإتفاقيات وإنما فى شكل هذه العلاقات وإتخاذ المواقف المناسبة التى تليق بصاحب قضية وليس مجرد مواقف إنفعالية وشعارات مضلله وكاذبة وعلى جانب آخر لمن ينتقد إتفاقية السلام نذكر الحرب الإسرائلية الأخيرة ضد حزب الله فقد إنتهت الحرب ولم تحرر لبنان بل ورجع حزب الله إلى الوراء عدة كيلومترات ومع ذلك لم يطالب أحد أن يستمر حزب الله فى القتال حتى النصروبعدها قبل حزب الله بالشروط الدولية إذن هناك مواقف لايصح الحديث عنها عبثا فهناك حسابات وأدوات وتوازنات وقوى تتحكم فى المواقف وليس كل مايتمناه المرء يدركه وكذلك على مستوى الفرد يتعامل مع الكثير ممن لايحبهم ولكن تفرض عليه الظروف التعامل معهم وإذا عدنا إلى الوراء إلى عهد الرسول الكريم سنجد أنه كان يتعامل مع اليهود وكذلك فى صلح الحديبيه والشروط المجحفة التى أملاها الكفارعليه وقبلها لأنه يعلم الإمكانات المتاحه لديه وهكذا يكون التصرف فليس العيب فى الإتفاقيات ولكن فى كيفية التعامل معها وإدارتها من هذا كله نصل إلى أنه يجب علينا أن تكون لدينا نظرة عميقة ورؤية فاحصة لأبعاد التعامل ولإدارة المواقف فليست المشكلة فى عقد إتفاقات أو معاهدات ولكن فى كيفية إدارة المواقف وإتخاذ القرارات وأخيرا إذا كانت إتفاقية السلام تمثل خطئا فهل سعى الدول الأخرى للوصول إلى إتفاق سلام مع إسرائيل بعد مرور مايزيد عن الثلاثين عاما ليس خطئا هل فقط إتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل هى الخطأ الأوحد وباقى الإتفاقيات ليس بها ريب أم أن هؤلاء لايريدون سوى النيل من مصر إما بإستمرارها فى حرب بلا نهاية أو تشويه صورتها من هنا لابد من النظر بعمق والرؤية بوضوح والتعلم أن المواقف هى التى تميز الصواب من الخطأ وليست الإتفاقيات والمعاهدات ولذا وجب علينا أن نحيى الرئيس الراحل أنور السادات على النصر المجيد وعلى إتفاقية السلام .

ليست هناك تعليقات: