لاشك أن الثورة المجيدة ما كان لها أن تكون بدون مشاركة جماهير الشعب بمختلف توجهاتها وإلتفاف العامة قبل الخاصة حول هذه الجماهير وتدعيمها لها حتى من لم يشارك فيها بالنزول إلى الميدان ولا يستطيع أحد أن يختزل الثورة فى فصيل أو فى شخص ما وهذا يعنى أنه لا يمكن لأحد أن يحتكر الثورة أو ينصب نفسه واصيا عليها ليتحكم فيها أو يوجه مسارها ولكن بدا فى الأيام الأخيرة وخاصة بعد الإنتخابات البرلمانية أن هناك من يريد فرض الوصاية على الثورة لأسباب نعلمها جميعا ومنها فشل هؤلاء فى تحقيق أى مكاسب فى الإنتخابات وربما شعروا بأنهم خرجوا من السباق بلا شىء ونسوا أننا جميعا فائزين بثورتنا وبالطبع هناك من يزكى هذه الروح ويغذيها ويدفع بتيارات سياسية نحو التصادم مع فصائل أخرى ربما كانت أكثر حظا فى تحقيق مكاسب سياسية وهذا حقهم نتاج جهدهم وإلتحامهم بالجماهير وليس مجرد إلقاء خطب عبر الفضائيات وهنا وجدنا من يخرج علينا ليقول أن البرلمان لا يمثلنا ولا نعترف بشرعية سوى شرعية الميدان وهذا منحى جديد وخطير لسير العملية السياسية التى تشهدها مصر وإذا كان الميدان هو سبب رئيسى لقيام الثورة ونجاحها لكن هذا لا يعنى أن يصبح هو الشرعية لأنه مهما كان عدد من يتواجدون فيه فلا يملكون الشرعية التى يمكنهم بها فرض رؤياهم على جموع الجماهير فهناك مسارات محددة لإكتساب الشرعية وهى الإحتكام إلى الإنتخابات والرضى بنتائجها وقد أفرزت الإنتخابات مجلسا لم نشهد له مثيل من قبل وهذا المجلس ربما يكون هو المؤسسة الرسمية الوحيدة التى تمتلك الشرعية الدستورية وعلى الجميع التسليم لها وفى الوقت نفسه لا يمكننا أن نغفل دور الميدان ولكن ليس كشرعية بديلة وإنما كورقة ضغط على المؤسسات وليس بديلا عنها فيمكنه مراقبتها وتقييم أداءها وليس الإحلال مكانها فهذا الميدان يعبر عن جزء من المجتمع وليس كل المجتمع والكل يشمل الجزء ولا يمكن إختزال الكل فى جزء والشعب قد أنتج شرعية دستورية هى البرلمان أما أن يخرج علينا بعض الأفراد أو القوى مهما قل عددها أو كثر فلا يمكن لها أن تكون واصيا على إرادة الجماهير التى إختارت من يمثلها ولا يمكن لأحد أن يعقب على إختياراتها ويبدوا أن هناك قوى ظلامية تريد إرباك البلاد وخلق حالة من الفوضى التى لا تنتهى تحت مبررات واهية وحجج كاذبة ومطالب سطحية مستغلة بعض الأخطاء التى وقعت فيها السلطة الحاكمة ومستغلة عواطف البعض وهذا ليس بالأمر الصواب وعلينا أن نرتضى بإختيارات الشعب وإحترام إرادته وخرجت بعض الأصوات لتطالب برحيل المجلس العسكرى الآن وهؤلاء الذين يطالبون برحيله الآن هم أنفسهم الذين طالبوا كثيرا ببقائه فى السلطة حتى تستعد أحزابهم على أمل أنه ربما يمكنها المنافسة على مقاعد المجلس وهاهم بعدما فشلوا فى المنافسة فيريدون رحيله الآن ليس من أجل صالح البلاد ولكن لإحداث حالة من الفوضى تعم البلاد ثم نبدأ المشوار من جديد ومحاولة إحداث حالة تصادم مع الجيش وبين الجيش والشعب وعلينا أن نعى أنه ما من أحد مستفيد من إحداث تلك الفوضى والدعوة إلى الإنقلاب على الشرعية التى جاءت بإرادة حرة عبر إختيار شعبى فى إنتخابات غير مسبوقة ولا يمكن لأحد التعقيب على إختياراته ولا يمكن لأحد الإنقلاب على شرعيته التى إرتضاها وآن لهؤلاء الفوضويين الظلاميين الذين يريدون جر البلاد نحو فوضى لا تنتهى أن يضعوا مصلحة الوطن قبل مصلحة أى فرد أو فصيل فلقد حان الوقت أن تستقر الأوضاع وتهدأ الأحوال حتى نتمكن من إعادة بناء وطن جديد يقوم على إحترام بعضنا بعض وعلى إحترامنا لإختياراتنا وأن نؤسس لدولة ديمقراطية طالما تطلعنا إليها ولطالما نادى بها هؤلاء الذين ينقلبون الآن عليها بل وينقلبون على إرادة الأغلبية التى قالت كلمتها وإختارت من يمثلها ولن ترضى ولن تقبل أن ينقلب أحد على إرادتها ووجب على الخاسرين أن يوجهوا التهنئة للفائزين فتلك هى الديمقراطية ولن نرضى عنها بديلا فهيا بنا نتعاون فى سبيل بناء الوطن فليس هناك من خاسر وفائز ولكننا جميعا فائزون لأننا كسبنا وطنا جديد يقوم على الحرية والعدل والمساواة وبدلا من هدم ما إكتسبناه من نتائج ثورتنا هيا بنا نبى عليه فنؤسس لوطن لطالما حلمنا به ونترك من بعدنا مجدا لأبنائنا لطالما حرمنا منه طويلا فلا تهدموا ما بنيناه ولا تهدروا تضحيات شهداءنا وجرحانا فتعالوا جميعا نشارك فى إعلاء قيمة الديمقراطية وإعلاء شأن الحرية وترسيخ مبادىء التعددية وتتوافق حول أهداف عامة تجمع بيننا جميعا وبدلا من الفرقة نتجه إلى الوحدة فنبنى ونعلى من شأننا وشأن وطننا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق